{[['
']]}
الإعجاز
العلميُّ في القرآن أمرٌ شهد به علماءُ الغرب ومفكروه، فهذا موريس بوكاي الفرنسي يقول:
«لقد قمتُ أولًا بدراسة القرآن الكريم، وذلك دون أي فكر سبق، وبموضوعية تامة باحثًا
عن درجة اتفاق القرآن ومعطيات العلم الحديث، وكنتُ أعرف- قبل هذه الدراسة وعن طريق
الترجمات- أن القرآن يذكر أنواعًا كثيرة من الظاهرات الطبيعية، ولكنَّ معرفتي كانت
وجيزة! وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعتُ أن أحقق قائمة أدركتُ بعد الانتهاء
منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد مِن وجهة نظر العلم في العصر الحديث.
ولقد
تحدَّث القرآن عن الغيب الذي مضى خبره، فكان حديثُهُ حديثَ الصدق، وبيانُهُ بيانَ الحقِّ،
فهو يُفرِدُ مريمَ البتولَ بقصة تأخذ سورة في كتاب الله، تحدَّث فيها عن أم مريم، ومريم،
وابنها عيسى ، وذكر تفاصيلَ دقيقةً لحياتهم جميعًا، بما يتضمن تصحيح ما وقع فيه النصارى
من انحرافات عقدية، وأخطاء بشرية! ثم قال تعالى بعد إيراد تلك القصةِ ذاتِ العِبَرِ-:
"ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ
يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ
يَخْتَصِمُونَ " [آل عمران:44]، وقصَّ الله خبرَ الأنبياءِ السَّابقين في سورةٍ
باسم نبي الله (هود) ، ثم قال تعالى: "تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا
إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ
الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ" [هود:49].
كما
أخبر القرآن بالغيب الحاضر في عهد النبيِّ فهو يفضح أقوال المنافقين، ويذكر ما يدور
بينهم بمنأى عن النبيِّ والصحابة ، كما في قوله تعالى: "يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا
إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون:8]،
وفي قوله تعالى: "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ
وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّه وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ
"[التوبة:65].
وقد
أخبر القرآن بأمور الغيب في المستقبل فكانت كما أخبر! حيث جاء انتصار الروم على الفرس
في مدة لا تتجاوز التسعَ سنين، وفي ذلك بشارة للمسلمين، قال تعالى: "الم (1) غُلِبَتْ
الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
(3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
(5) "[الروم:1-5].
فَهُزِمَ
الفرسُ أمام الروم في عدة حروب، كانت بين عامي: (623-627م)، ومن الغيب المستقبلي- كذلك-:
الإخبار بحفظ القرآن على مرِّ الزمان، وقد كان كما جاء في خبر القرآن: "إِنَّا
نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ "[الحجر:9]، وها نحن
في القرن الخامس عشر الهجري نقرأ القرآن غضًّا طريًّا كما أُنزل، من غير زيادة، ولا
نقصان، مع حفظ قراءاته المتواترة بحفظ ربِّنا الرحمن.
من
كتاب : إن الدين عند الله الإسلام للدكتور / محمد يسرى إبراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق