الشرح والتحليل البلاغي لقصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين محمود الكوفي ( الشعر المملوكي) In the lament of Baghdad

اللغة العربية,

{[['']]}

المحتويات: التعريف بالشاعر شمس الدين محمود الكوفي.
جو النص على قصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين الكوفي.
نص قصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين الكوفي.

شرح معاني كلمات قصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين الكوفي.

التحليل البلاغي لأبيات قصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين الكوفي 

التعليق العام على نص قصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين الكوفي.

التعريـف بـالشاعـر:                        

اســمـــه: هو شمس الدين محمود الكوفي .

مكانته : شاعر وعالم وفقيه.

وفــاتـــه: سنة (676هـ) تقريباً.

من أبرز أغراض شعره الرقيق: الحنين والاتعاظ, ومما قاله في الحنين:

حمامة الدوح في الأغصان نائحة تشجووتندب من شوقٍ لمن فقدت

كما تنوح فتحكيها وتحكينا ومَن فقدنا فنشجيها وتشجينا

جـو الـنـص:

الشاعر من الشعراء الذين كان لهم دور مهم في التعبير عن ألم المأساة والحدث الذي نزل ببغداد وبالخلافة العباسية عندما أجتاحها التتار عام (656هـ) فدمروها وهدموا كثيراً من معالمها الحضارية وأحرقوا خزائن الكتب فيها وأفنوا تراثها الأدبي والعلمي, فهذا الحدث الأليم لا يقل شأناً عما تتعرض لـه بغداد في العصر الحديث من أعمال عنف وتدمير وفي هذا الصدد تناول الشاعر في العديد من قصائده رثاء بغداد عاصمة الخلافة العباسية. والنص الذي بين أيدينا هو واحد مما قاله الشاعر في رثاء بغداد من قصيدة تسمى (النونية).

البحــر والــروي:

أ– النص ينتمي إلى بحر (الكامل) وتفعيلاته هي:

متفاعلـن متفاعلـن متفاعلـن

***

متفاعلـن متفاعلـن متفاعلـن

ب – حرف الروي فيه هو النون وإليه تنسب القصيدة فتسمى (نونية).

الأفكــار الجزئيــة:         أ)  حزن الشاعر وحسرته على فراق الأهـل.                  (1 – 4).

ب) وصف الديار وما حل بها من خراب ودمار.    (5 –10)

أولاً: حزن الشاعر وحسرته على فراق الأهـل.  (1 – 4).

1– إنْ لـم تُقرِّحْ أدمُعي أجفانـي 2– إِنسانُ عينـي مُذْتناءَتْ دارُكم 3– يا ليتنـي قد مُتُّ قبل فراقِكـم 4– مالـي وللأيامِ شتَتَ خَطْبُها

*** *** ***

مِنْ بَعْدِ هَجْرِكُـمُ فما أجفانـي! ما راقَهُ نظرٌ إِلـى إنسانِ ولساعـةِ التوديعِ لا أحيانـي شَمْلـي وخَلاَّني بـِلاَ خِلاّنِ

معاني الكلمات.

الكلمــة	مـعـنـاهـــــا	الكلمــة	مـعـنـاهـــــا
تقرِّح	تجرح وهي من (القروح) وهي الجروح الشديدة, والمفرد (قرح).	راقه	أعجبه وسره وعكسها: (ساءه).
أدمعي	دموعي والمفرد (دمع).	فراقكم	بعدكم.
أجفاني	أجفان عيني والمفرد (جفن).	ساعة التوديع	ساعة الفراق.
هجركم	فراقكم.	شتَّت	فرَّق.
ما أجفاني	ما أغلظني وأثقلني.	خطبها	مكروهها. والخطب هو الأمر الجلل وجمعها (خطوب).
إنسان العين	سوادها ويراد بها نور العين.	شملي	أنسي وكياني وأمري.
مذ	منذ.	خلاني	جعلني.
تناءت	تباعدت ومقابلها (دنت).	بلا خلان	بلا أصدقاء والمفرد (خل).

شرح الأبيات السابقة:

يصف الشاعر نفسه بالقسوة وغلظة القلب إن لم يبك ويذرف الدموع الغزيرة على فراق أهله من بني العباس.

كما أنه لم يعد هناك بعد هذا الرحيل والفراق ما يسعد عينه أو يسره النظر إليه.

فيتمنى الشاعر لنفسه الموت وعدم الحياة قبل هذا الحدث وخاصة قبل ساعة الفراق والرحيل.

ثم يتعجب الشاعر من هذا الزمان الذي خصه بهذا الحدث الذي على ضوئه أصبح أمره مشتت وبلا أصدقاء.

التحليل البلاغي لأبيات حزن الشاعر وحسرته على فراق الأهل.

التحليل البلاغي للبيت الأول:

1) إنْ لـم تُقرِّحْ أدمُعي أجفانـي

**

مِنْ بَعْدِ هَجْرِكُمُ فما أجفاني!

(تُقرِّحْ أدمُعي أجفانـي): استعارة مكنية, حيث شبه الشاعر الدموع بآلة حادة تجرح, وحذف المشبه به وأتى بصفة من صفاته وهي (تقرح), وسر جمالها: توضيح الفكرة برسم صورة لها مع التشخيص والتجسيم.

بين (أجفاني / أجفاني): جناس تام وتصريع وهو من المحسنات البديعية, ويسمى أيضاً بالحلي اللفظية, وسر جماله: ترك الأثر القوي في نفس المتلقي بما له من موسيقا.

(ما أجفاني): أسلوب إنشائي غير طلبي غرضه البلاغي التعجب.

(تقرح/أدمعي/هجركم): كلمات توحي بالحزن والأسى.

2) إِنسانُ عينـي مُذْتناءَتْ دارُكم

**

ما راقَهُ نظرٌ إِلـى إنسانِ

بين (إنسان عيني / إنسان): جناس تام, وهو محسن بديعي لفظي, وسر جماله: ترك الأثر القوي في نفس المتلقي بما لها من موسيقا.

(تناءت داركم): استعارة مكنية, سر جمالها: توضيح الفكرة برسم صورة لها.

(ما راقه نظر إلى إنسان): كناية عن كراهية النظر إلى أي شخصٍ أو شيء بعد زوال بني العباس, وسر جمالها: الإتيان بالمعنى مصحوباً بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.

كلمة (مذ): ظرفية توحي بالبعد.

3) يا ليتني قد مُتُّ قبل فراقكم

**

ولساعةِ التوديع لا أحياني

(يا ليتني قد مت): أسلوب إنشائي طلبي بصورة (التمني), غرضه البلاغي إظهار الحزن والحسرة والأسى – وإن كان أسلوباً سطحياً لا عمق فيه ولا ابتكار.

بين ( مت / أحياني): مقابلة إيجابية, سر جمالها إبراز المعنى وتوضيحه وتوكيده وتقويته.

(ساعة التوديع): تعبير يوحي بالقسوة والألم عند لحظة الفراق.

4) مالي وللأيامِ شتتَ خطبها

**

شَمْلي وخلاني بلا خلانِ

(مالي وللأيام): أسلوب إنشائي طلبي بصورة (الاستفهام), غرضه البلاغي التعجب.

(شتت خطبها شملي): استعارة مكنية, توحي بعدم الاستقرار في الحياة المضطربة من حوله, سر جمالها: توضيح الفكرة برسم صورة لها, مع التشخيص والتجسيم.

بين (خلاني /خلانِ): جناس ناقص, سر جمالها: ترك الأثر القوي في نفس المتلقي بما لـه من موسيقا.

(خلاني بلا خلان): كناية عن شعور الشاعر بالوحدة والانفراد.

ثانياً : أبيات وصف الديار وما حل بها من خراب ودمار ( 5-10).

5– ما للمنازلِ أَصْبَحَـتْ لا أهلُها 6– وحياتِكُـم ما حلَّها مِنْ بَعْدِكُـم 7– ولقد قَصَدْتُ الدارَ بعدَ رحيلِكُـم 8– ناديتُها: يا دارُ ما صَنَـعَ الأُلـى 9– أَيْنَ الذيـنَ عهدتُهُـم ولعِزِّهـم 10– كانـوا نجومَ مَنِ اقتدى فعليهـمُ

** ** ** ** **

أهلي ولا جيرانُها جيراني غيـرُ البلى والهدم والنيـرانِ وَ وَقَفْتُ فيها وقفةَ الحيـرانِ كانـوا همُ الأوطارُ فـي الأوطانِ ذلاً تخرُّ معاقدُ التِّيجانِ؟ يبكي الهدى وشعائـرُ الإيمانِِ

معاني الكلمات

الكلمــة	مـعـنـاهـــــا	الكلمــة	مـعـنـاهـــــا
الجيران	مفردها (جار) وهو من يسكن بجوار الإنسان.	الأوطار	جمع (وطر), وهي الحاجة والبغية.
حلها	نزل بها أو سكنها.	عهدتهم	اعتدت عليهم ويقصد بهم الخلفاء العباسيين.
البلى	القدم, وجمعها (أبلاء).	عزهم	سيادتهم.
الهدم	الخراب, وعكسها: (البناء).	الذل	المهانة.
قصدت الدار	ذهبت إليها.	تخر	تخضع.
رحيلكم	فراقكم.	معاقد التيجان	مفردها (معقد التاج) وهو مكان ارتداء التاج من الرأس والمقصود بها (الملوك).
الحيران	هو الإنسان المتحير بين شيئين, فيسمى: (حائر) وجمعها (حيارى).	اقتدى	اهتدى.
الألى	الذين	شعائر الإيمان	علوم الدين ومفرد شعائر: شعيرة.

شرح أبيات وصف الديار وما حل بها من خراب ودمار.

يتساءل الشاعر على سبيل الاستنكار عما آلت إليه المنازل لدرجة أن من سكنها ليسوا أهله ولا من جاورها جيرانه.

ثم يقسم الشاعر بحياة أهله السابقين بأنه لم ينزل بعدهم في هذه الديار غير الخراب والهدم والنيران التي أكلت كل شيء, وهذا كله بفضل التتار.

ولقد قصد الشاعر هذه الديار ليقف بها وقفة من يقف على الأطلال وهو حائر مندهش مما أصبحت عليه.

فيناديها متسائلاً ما الذي فعله أصحابك ممن كانوا هم المقصد لتحقيق الغايات في هذا الوطن.

فيقول: أين حكامك وأمراؤك العظماء الذين تخر وتخضع لهم الملوك العظام.

فهؤلاء العظماء كانوا كالنجوم التي يُهتدى بها في علوم الدين والدنيا.

التحليل البلاغي لأبيات وصف الديار وما حل بها من خراب ودمار.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت الخامس:

5) ما للمنازل أصبحت لا أهلها

**

أهلي ولا جيرانُها جيراني

(ما للمنازل): أسلوب إنشائي طلبي بصورة (الاستفهام) غرضه البلاغي (التعجب).

(لا أهلها أهلي ولا جيرانها جيراني): كناية عن تغير حال البلاد تغيراً كاملاً. والعطف في هذه العبارة يفيد تأكيد  النفي.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت السادس:

6) وحياتكم ما حلَّها من بعدكم

**

غيرُ البلى والهدم والنيرانِ

(وحياتكم): فيها مأخذ على الشاعر, لأنه يقسم بحياة المخاطبين, مع أن القسم لا يجوز إلا بالله.

(حلها البلى والهدم والنيران): استعارة مكنية تبرز مدى تدمير التتار لكل شيء في بغداد.

(البلى والهدم والنيران): تكرار العطف للتوكيد على شدة الخراب الذي وصلت إليه هذه البلاد.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت السابع:

7) ولقد قصدتُ الدارَ بعدَ رحيلكم

**

ووقفتُ فيها وقفةَ الحيرانِ

(وقفت وقفة الحيران): تشبيه بليغ, حيث شبه الشاعر وقفته بوقفة الحيران. وهو تشبيه يوحي بشدة الصدمة والذهول لدى الشاعر لما شاهده من خراب وقتل وتشريد, وقيمته الفنية هي: توضيح الفكرة برسم صورة لها.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت الثامن:

8) ناديتُها: يا دارُ ما صنع الأُلى

***

كانوا همُ الأوطارُ في الأوطانِ

(ناديتها): استعارة مكنية, حيث شبه الشاعر الدار بإنسان ينادى عليه, وحذف المشبه به, وأتى بصفة من صفاته وهي النداء, سر جمالها: توضيح الفكرة برسم صورة لها, والتشخيص والتجسيم.

(يا دار): أسلوب إنشائي طلبي بصورة ( النداء), غرضه البلاغي إظهار الحسرة والألم.وكلمة (دار): نكرة للشمول والعموم.

(ما صنع الألى): أسلوب إنشائي طلبي بصورة (الاستفهام), غرضه البلاغي التعجب من هول المأساة.

(الألى كانوا هم الأوطار في الأوطان): كناية عن الآباء والأجداد ممن سكنوا هذه الدار.

بين (الأوطار/الأوطان): جناس ناقص, سر جمالها: ترك الأثر القوي في  نفس المتلقي بما له من موسيقا.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت التاسع:

9) أين الذين عهدتُهُم ولعزهم

***

ذلاً تخرُّ معاقدُ التِّيجان؟

(أين الذين عهدتهم): أسلوب إنشائي طلبي بصورة (الاستفهام), غرضه البلاغي التعجب.

(لعزهم تخر معاقد التيجان): أسلوب قصر بطريقة تقديم ما حقه التأخير, غرضه البلاغي التوكيد والتخصيص والمبالغة في المعنى وحسن التناغم في الكلام والاهتمام بالمتقدم.

بين (عز / ذل): طباق إيجابي, لإبراز المعنى وتوضيحه.

الشرح والتحليل البلاغي للبيت العاشر:

10) كانوا نجوم من اقتدى فعليهمُ

***

يبكي الهدى وشعائرُ الإيمانِِ

(كانوا نجوم من اقتدى): تشبيه بليغ, يوحي بعلو مكانتهم وجسامة دورهم وإشراقه في جوانب الحياة المختلفة.

(يبكى الهدى وشعائر الإيمان): استعارة مكنية, توحي بتجسيد حجم الكارثة التاريخية في ضياع الخلافة وتقويض دولة الإسلام المترامية, سر جمالها: توضيح الفكرة برسم صورة لها مع التشخيص والتجسيم.

(يبكى الهدى وشعائر الإيمان): العطف هنا للتوكيد على مكانتهم العظيمة في الدنيا والدين.

(فعليهم يبكي الهدى): أسلوب قصر بطريقة تقديم ما حقه التأخير, غرضه البلاغي التوكيد والتخصيص, والاهتمام بالمتقدم.

التعليق العام على النص

العاطفة: المسيطرة على الشاعر في النص هي عاطفة الحزن والأسى, ولكن صوت العاطفة عند الشاعر لم يرق إلى مستوى الحدث, فجاء خافتاً, وجاءت معه المعاني باهتة.

الأفكار: في النص سطحية, لم تزد عن كونها وصفاً لحال الشاعر وحال الديار المهجورة التي وقف يبكيها, ويذكر بعضاً من مناقب أهلها, كما درج عليه الشعراء من قبل.

غرض النص: هو الرثاء, لكنه ليس رثاءاً للأفراد, بل رثاءاً لعاصمة الخلافة العباسية بغداد, وقد شاع هذا اللون من رثاء الدول الزائلة في العصر العباسي الثاني, وفي الأندلس خاصة, لكثرة ما أصاب الدول هناك من تقلبات, ولتعدد الإمارات التي تساقطت واحدة تلو الأخرى, وحدث كهذا يتعلق بما أصاب الأمة في مجدها وتاريخها وحضارتها , كان لا بد له أن يثير الكثير من المعاني الإسلامية والعربية والتاريخية.

الخيـال: خالي من عمق التفنن وجمال الابتكار, مما جعل أثره مباشراً, يفتقد قوة التأثير.

المحسنات: احتشدت في الأبيات حشداً واضحاً وفي كثرة هذه المحسنات صناعة متكلفة جعلتها لا تؤدي وظيفتها في الارتقاء بالأسلوب, وهذا هو شأن الشعر في هذا العصر إذ غلبت عليه الزخرفة اللفظية المخلة بروحه الفني.

الأساليب: لقد نوع الشاعر أساليبه في النص بين الخبر والإنشاء.

الألفاظ:  ألفاظ النص وتعبيراته سهلة وقريبة من المتداول بين عامة الناس. لا يمكن القول بأن هذه القصيدة ضعيفة, كما كان شائعاً في ذلك العصر (عصر الضعف) لأن في كثير من أبياتها شيئاً من حيوية الأداء وحرارة العاطفة يرقى عن ذلك الوصف ألا وهو الضعف.

الشرح والتحليل البلاغي لقصيدة في رثاء بغداد للشاعر شمس الدين محمود الكوفي ( الشعر المملوكي)