وثائق ومعاهدات تاريخية تكشف عمر إمارة الضالع وحقيقة تخلي الإمام عنها مقابل سلطنة البيضاء .

{[['']]}
معاهدة 1934م الأنجلو ــ يمنية The Anglo-Yemeni تكشف:
عــدم وجـــود أيّ تبـادل مزعـــوم بيـن المملكة المتوكليّة اليمنيّة الزيديـة والتاج البريطاني فيما يخـص سلطنـة البيضـاء وإمـــارة الضالـع الجنـوبيتيــن.
بقلم الباحث/شايـف الحــدي
لم تذكر معاهدة الصّداقة والتعاون المتبادل في 11 فبراير 1934م (الأنجلو ــ يمنية The Anglo-Yemeni), أيّ تبادل جرى بين (حكومة المملكة المتوكليّة اليمنيّة Government of the Kingdom of Yemen), و (حكومة عدن Government of Aden), بخصوص إمارة الضالع وسلطنة البيضاء واللتان تعتبران أراضي جنوبيِّة حسب كل الوثائق والسِّجلات والسّندات والخرائط وأكّدتهما اتفاقية الحدود السّياسية بتاريخ 9 مارس 1914م, (الأنجلو ــ تركية The Anglo-Turkish), التي وقّعت في لندن بين الباب العالي التركي ومجلس العموم البريطاني, وأعتمدت من قبل (عصبة الأمم The League of Nations), بجنيف سابقًا الأمم المتحدة حاليًا, وهي في الحقيقة حدود سياسية بين (المناطق الخاضعة للسيطرة التركية والمناطق الخاضعة للسيطرة البريطانية), صارت منذُ ذلك التاريخ واقعًا ملموسًا إقليميًّا ودوليًا, ولم تكن حدود صراع نفوذ بين إمبراطوريتين؛ بل سبقتها لجنة حدود أبتدأها الكولونيل وهاب, وهو مساح طبوغرافي متخصص في أعمال المسح الجغرافي ما بين عامي 1891 ــ 1892م إلى أن تمّ تشكيل لجنة حدود مشتركة أنجلو ــ تركية عام 1901م مهامها تعيين الحدود بين ولاية اليمن العثمانيّة ومناطق المحميات البريطانية في عدن والجنوب.

وفي فبراير 1902م بدأت اللجنة عملية المسح والترسيم وتعيين الحدود ووضع الأعمدة الحدودية بين مناطق الشمال الخاضعة للسيطرة التركية ومناطق الجنوب الخاضعة لحكومة عدن والتاج البريطاني وبتاريخ 1903/3/22م انسحبت القوات التركية نهائيًا من بعض المناطق التي كانت تحتلها في إمارة الضالع, وانتقل تواجدها إلى مدينة قعطبة بالجانب الخاضع لسيطرتها.
وكانت إمارة الضالع الواقعة تحت الحكم البريطاني في إطار ما يُسمّى بالمحميات أوّل إمارة يتم ترسيم حدودها السّياسية مع ولاية اليمن العثمانيّة, ومنها انتقل ترسيم الحدود إلى صحراء الربع الخالي شرقًا وإلى رأس الشيخ سعيد في باب المندب غربًا.
وتوصلت لجنة حدود عدن مع اللجنة التركية لترسيم الحدود إلى توقيع عدة بروتوكولات واتفاقيات كان آخرها المعاهدة الحدودية النهائية الذي صادق عليها إدوارد جراي Edward Grey وإبراهيم حقي باشا, وزيري خارجية البلدين في لندن بتاريخ 9 مارس 1914م.
وبتوقيع هذه الاتفاقية يكون الجانب التركي قد تخلى عن أيّ مطالب له في الجنوب وخصوصًا حضرموت, كما تظهر الخريطة السّياسية لهذه الاتفاقية وقوع سلطنة البيضاء وإمارة الضالع وملحقاتها داخل إطار ما عُرف بـ«الخط البنفسجي» الحدودي لحكومة عـدن, والتي كانت تُسمّى (النواحي التسع أو الكانتونات التسعة), بالتسمية البريطانيّة والعثمانيّة.
تتكوّن معاهدة 1934/2/11م من سبعة بنود سبقتها مفاوضات وبروتوكولات وشروط لحكومة عدن بخصوص استرداد وإخلاء أربعة وستين قرية موجودة في (سلطنة العوذلي AUDHLI أبين ABYAN), وثمان قرى أخرى حدودية موجودة في بلدة سناح الحدودية بـ(إمارة الضالع DHALA AMIRATE ), وإخلاء سبيل السجناء والأسرى الذين أخذتهم قوات الإمام الزيدية أثناء غزوها لمحميات عدن الغربية من الفترة (1920 ــ 1928) كرهائن في سجون الإمامة, وكان وفد من حكومة عدن برئاسة الكولونيل برنارد روادون رايللي؛ قد بدأ المفاوضات مع حكومة المملكة المتوكليّة اليمنيّة في شهر شوال سنة ١٣٥٢ هجرية الموافق فبراير سنة 1933م؛ وقد عرض الوفد على الإمام رغبة حكومة عدن في عقد معاهدة صداقة بين البلدين لا تمت إلى الحدود السّياسية المتعارف عليها في اتفاقية 9 مارس 1914م في شيء, وإلزام الإمام بمرعاة علاقات الود وحُسن الجوار وأن تعترف حكومة عدن بملك اليمن وسيادة أراضيه...
وكانت معاهدة فبراير 1934م مكملة لاتفاقية الحدود الدّولية الأنجلو ــ تركية Turkish ــ The Anglo في 9 مارس 1914م بين الباب العالي ومجلس العموم.
وقد نصّت الفقرة الثالثة منها على اعتماد بروتوكول اتفاقية 9 مارس 1914م الأنجلو ــ تركية كوثيقة معترف بها من قبل الطرفين وعليهما الالتزام بما ورد في نصوصها وعدم تدخل أي طرف في الشؤون الداخلية للطرف الآخر، استنادًا إلى الحدود المقرة في تلك الاتفاقية.
وقد أقرّ الإمام يحيى في اتفاقية فبراير 1934م ما جاء في معاهدة الحدود السابقة الأنجلو ــ تركية (1914/3/9م), كحدود سياسية دولية, والتي تمّ بنائها على أساس اتفاقية صلح دعان بتاريخ 9 أكتوبر 1911م بين الإمام يحيى بن حميد الدين والدولة العثمانيّة, التي أقرّها فرمان عثماني عام 1913م (قانون سلطاني رسمي), حيث اعترفت السلطة العثمانيّة بالإمام يحيى كحاكم شرعي وقبلي ومنحته صلاحيات عديدة منها مهام الصلح بين القبائل وتحصيل الواجبات الزكوية, واعتبار اليمن الشمالي ولاية تابعة للسلطنة العثمانيّة بمقابل أعتراف الإمام يحيى بالحقِّ الشرعي للدولة العثمانيّة على اليمن, ووفقًا لبنود اتفاقية دعان 1911م يكون الإمام يحيى قد اعترف بالسيادة العثمانيّة على ولاية اليمن مقابل اعتراف العثمانيين بزعامته لمملكة الأئمّة الزيديين في اليمن الشمالي؛ وبالتالي فإن الإمام يحيى لاحقًا ملتزمًا بما وقعته السلطة العثمانيّة من اتفاقيات ومعاهدات مع بريطانيا ومنها اتفاقية ترسيم الحدود السّياسية في مارس 1914م.
ونال الإمام من (صلح دعان) مكاسب كبيرة أكثر مما كان يطمع فيه, وثبت مراكزه حاكمًا على القبائل الزيدية.
ويستدل من هذا الاتفاق أن الحكومة العثمانيّة اعتبرت الإمام حاكمًا مستقلًا للبلاد الواقعة تحت سلطته, ومن ثم أكسب الإمام حقوقًا كثيرة وأصبح للإمام حقّ الإشراف والمراقبة على الأسلوب الإداري للولاة والموظفين.
وعلى ضوء تلك الشواهد؛ فقد شارك الإمام بطريقة مباشرة في حكم اليمن الشمالي مع الأتراك بعد اتفاقية دعان 1911م وكانت له أمتيازات بالحكم, وعند توقيع الأتراك اتفاقية الحدود السّياسية مع بريطانيا عام 1914م, كان الإمام شريكًا في الحكم, وبالتالي يُعدّ طرفًا أساسيًا في هذه الاتفاقية وملزمًا بكل ما ورد فيها, ناهيك عن أنه هو من ورث زمام الحكم من العثمانيين أو بالأحرى تسلم ما كان في حوزة الأتراك بعد خروجهم من اليمن عام 1918م, ومن ثم ورث اتفاقية ترسيم الحدود؛ وهذا الأمر جعله يقرّ ويعترف بها رسميًا كواقع سياسي وجغرافي عند توقيع الاتفاقية مع (حكومة عدن Government of Aden عام 1934م).
وكانت وجهة نظر إنجلترا ــ حسب موقع مسح دراسات الشؤون الأكاديميّة الدّولية SURVEY OF INTERNATIONAL AFFAIRS ــ تعتبر أن الإمام بصفته وريثًا للإمبراطورية العثمانيّة في اليمن عليه أن يلتزم بالاتفاق التركي ــ الإنجليزي بخصوص المحميات وترسيم الحدود, وذلك طبقًا للقانون الدولي, ويعتبر الإمام معتد عندما هاجم (إمارة الضالع) في سنة 1920 (وسلطنة البيضاء) في سنة 1923 (وسلطنة العوذلي السفلى) في أبين سنة 1926م.
وتاريخيًا؛ فإن سلطنة البيضاء جنوبيّة عبر كل المراحل والمنعطفات التاريخيّة, رغم أن سلطانها (الرصاص), لم يبرم اتفاقية حماية مع حكومة عدن؛ وهذا الأمر جعل التاج البريطاني وحكومة عدن تعاني من صعوبة في نجدة وإنقاذ سلطنة البيضاء عندما هاجمها جيش الإمام يحيى واستولى عليها عام 1923م, لعدم وجود معاهدة تعاون أو اتفاقية حماية لسلطنة البيضاء مع بريطانيا وحكومة عدن أسوةً بالمحميات الأخرى.
أمّا إمارة الضالع التي تُعدّ أقدم إمارة في الجنوب, إذ يعود تأسيسها إلى بداية القرن الرابع عشر الميلادي؛ فهي ككيان سياسي مستقل سبقت قيام المملكة المتوكليّة اليمنيّة بخمسمائة عام ونيف, كون المملكة المتوكليّة اليمنيّة تأسست في عام 1868م, وبالتالي فإن إمارة الضالع جنوبية منذُ القدم, ولم تكن يمنية في يومٍ من الأيام, وليس صحيحًا البتة أنه تم التبادل فيها مع الإمام بسلطنة البيضاء التي هي أصلًا جنوبية, كما يحاول البعض تشويه الحقائق التاريخيّة والادعاء بأنّها عادت للتاج البريطاني بعد اتفاقية 11 فبراير 1934م, التي سنوردها لاحقًا.
وفيما يخص ادعاء الإمام يحيى بن حميد الدين بالخلافة الإسلامية؛ فإن ذلك لم يكن مقتصرًا على الجنوب ومحمياتها فحسب؛ بل شمل ذلك الجزيرة العربيّة ككل.
ومعاهدة فبراير 1934م تتجلى كنور الشمس تدحض إفتراءات أصحاب العاهات الفكرية المستديمة وتلجم أفواه المشككين, الذين تأثروا بتزاحم الأفكار الغريبة الوافدة إليهم من الثقافة الزيدية ورواياتهم التي تحاول مسح الهويّة والمرجعية الجنوبيِّة, وهي في الحقيقة روايات لا يعتمد عليها وتفتقر للأدلة والبراهين وقد بترها التاريخ واستأصلها القلم؛ وهذه الروايات خضعت لميول وطبيعة المؤرخ وشخصيته وانحيازه لطرف أسلافه من (الأئمّة الزيديين), الذين غزو مناطق الجنوب, وكتبوا التاريخ كيفما شاءو..!

وحتى لا نسـرح بعيدًا, ولكـي تتضـح الأمـور أكثـر نـورد أهــم بنـــود هـــذه المعاهــدة:

1_ معاهدة الصّداقة والتعاون المتبادل بين جلالته ممثلا لبريطانيا العُظمى وإيرلندة والمقاطعات البريطانية فيما وراء البحار وإمبراطور الهند كطرف أوّل.

2_ ملك اليمن، الإمام يحيى بن حميد الدين، كطرف ثاني، وبناءً على رغبة الطرفين في إبرام معاهدة مبنية على الصَّداقة والتعاون المشترك بينهما, قررنا عقد هذه المعاهدة وتفعيلها بناءً على طلب من ممثليها السياسيين:

جلالته ملك بريطانيا العُظمى وإيرلندة والمقاطعات البريطانية فيما وراء البحار وإمبراطور الهند؛ــ ممثـل بريطانيـا العُظمـى وإيرلنـدة: النائب ــ الكولونيل برنارد رودون رايللي.
Lieutenant ــ Colonel Bernard Rawdon Reilly, C.I. E., O. B. E؛
ممثل الهند البريطانية:
النائب–الكولونيل برنارد رودون رايللي.
Lieutenant ــ Colonel Bernard Rawdon Reilly, C.I. E., O. B. E؛
ــ ممثل اليمن جلالة ملك اليمن، الإمام يحيى بن حميد الدين:
ويمثلــه:
القاضي محمد راغب بن رفيق «بك»
The Qadhi Muhammad Ragheb–bin–Rafiq

الذين، بكامل سلطاتهم بعد تبليغ أوراق تفويضهما وتحقيق صحتها على شكل حسن، وافقوا، بتنظيم جيد وشكل قانوني، على التالي:
الفقرة الأوّلى:
جلالته ملك بريطانيا العُظمى وإيرلندة والمقاطعات البريطانية فيما وراء البحار وإمبراطور الهند، المعروف باستقلال مملكته المطلق والكامل عن جلالته ملك بريطانيا والاستقلال المطلق والكامل لكافة شؤون مملكته وكل ما يختص بها ملك الإمام يحيى بن حميد الدين.
الفقرة الثانية:
سيعم السلام وستعم الصداقة دائمًا وابدأ بين الأطراف المبرمين للمعاهدة, اللذان يتعهدان بإقامة علاقات جيدة مع بعضهما لبعض.
الفقرة الثالثة:
فيما يتعلق بالسؤال الدائم عن الحدود الجنوبيِّة لليمن سيعلق الإجابة عليه، إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق عليه بين أطراف التعاقد في ظل مناخ صداقة ووئام كامل، خالي من أيّ نزاع أو اختلاف، من خلال المفاوضات التي ربما يتم إجرائها بينهم قبل انتهاء تاريخ العمل بهذه المعاهدة.
بتأجيل الإجابة على المفاوضات المشار إليها في الفقرة السابقة؛ فالسادة أطراف هذه المعاهدة يوافقون على الحفاظ على الموقف الراهن للحدود كما هي عليه أثناء تاريخ توقيع هذه المعاهدة، وكلا الطرفين يتعهدون بأنهم سيمنعون، بكل وسائل المنع الممكنة، أيّ انتهاك يمكن أن تقوم به قواتهم المسلحة على الحدود المذكورة عاليه، وسيمتنعون عن التدخل أو سيمنعون تدخل الطرف الآخر في منطقة الحدود (المتعارف عليها في اتفاقية الحدود الأنجلو ــ عثمانية في 9 مارس 1914م)، وسيمتنعون عن التدخل في الشئون الداخلية للطرف المقابل، وسيمنعون تدخله في شئونهم الداخلية فيما يتعلق بالحدود المذكورة.
الفقرة الرابعة:
بعد تفعيل هذه المعاهدة، أطرافها المتعارضين بشدة، وباتفاق متبادل ومتناغم، سيقومون بإبرام كافة المعاهدات الضرورية المعنية بالتنظيم التجاري والعلاقات الاقتصادية فيما بينهم، بناءً على مبادئ الممارسات العامة الدّولية.
الفقرة الخامسة:
أ ــ رعايا أيّا من طرفي المعاهدة المبرمة الراغبين في مزاولة أعمالهم التجارية في الأقاليم التي تخضع لسيطرة وسيادة الطرف الثاني ينبغي أن يزاول أعماله طبقًا للقوانين المحلية والمراسيم المطبقة في بلاده، وينبغي أن يلقي نفس المعاملة التي يعامل بها رعايا الطرف الذي يتم مزاولة الأعمال التجارية معه طبقًا لكافة القوانين والمراسيم المطبقة في بلاده.
ب ــ بالمثل، (سفن) أيّا من طرفي المعاهدة وحمولتها ينبغي أن تلقي، في موانئ الأقاليم التي تخضع لسيادة الطرف الثاني، معاملة تتساوى مع المعاملة التي تتلقاها سفن، وحمولات أقوى الدول.
والمسافرين على هذه السفن ينبغي أن يعاملوا في موانئ أقاليم الطرف الآخر بنفس المعاملة التي يتم التعامل بها مع مسافريهم في أكبر الدول المبرمة لهذه الاتفاقية كإحدى أطرافها.
جـ ــ تحقيقًا لأهداف هذه الفقرة فيما يتعلق بجلالته ملك بريطانيا الُعُظمى وإيرلندة والأقاليم البريطانية فيما وراء البحار وإمبراطور الهند:

١ ــ المصطلح ( أقاليم) ينبغي اعتباره بأنه يعني مملكة بريطانيا العُظمى وإيرلندة الشمالية، الهند وكافة مستعمرات جلالته، المحميات وكافة الأقاليم المفوض إليها مزاولة أعمالها بأمر من حكومة جلالته في المملكة المتحدة .
٢ ــ المصطلح (رعايا) ينبغي اعتباره بأنه يعني كافة الرعايا الذين يعملون بأمر من جلالته أينما كانوا، وكافة سكان البلاد التي تخضع لحماية جلالته، وبالمثل كافة الشركات التي تزاول أعمالها في الأقاليم التي تخضع لسيطرة جلالته التي يجب أن يتم اعتبارها من ضمن الرعايا الذين يعملون بأمر من جلالته.
٣ ــ المصطلح (سفن) ينبغي اعتبارها بأنها تعني كافة السفن التجارية المسجلة في أيّ جزء من بلدان الكومنولث البريطاني.

الفقرة السادسة:

هذه المعاهدة ينبغي أن تكون أساس كافة الاتفاقيات التي تبرم بعد تاريخ تفعيلها بين طرفيها سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل تحقيقًا للصداقة والتفاهم المتبادلين.
السادة أطراف المعاهدة يتعهدون على ألا يساعدون وعلى ألا يتواطئون في أيّ حدث يوجه ضد الصّداقة والتفاهم المتوافرين الآن بمنتهى الإخلاص بين أطرافها.
الفقرة السابعة:
المعاهدة الحالية سيصدق عليها بمجرد توقيعها، ووسائل التصديق ينبغي أن يتم تبادلها في صنعاء. يجب تفعيل تاريخ العمل بهذه المعاهدة في تاريخ تبادل وسائل التصديق عليها، وينبغي أن يظل العمل بها مفعلا لمدة أربعين سنة.
• بشهادة ممثلي الطرفين تم توقيع المعاهدة الحالية وبشهادتهم أيضًا تم وضع أختامهم عليها.
• هذه المعاهدة تمّ التعاقد عليها بنسختين، نسخة باللغة الإنجليزية ونسخة باللغة العربيّة، وينبغي ألا يتم الشك في تفسير أيّا من فقراتها، وكلا الفريقان المتعاهدان الساميان ينبغي أن يعتمدان على نسختها المكتوبة باللغة العربيّة، التي أبرمت في صنعاء اليمن، هذا اليوم الحادي عشر من فبراير 1934م ميلاديًا (الموافق ٢٦ شوال ١٣٥٢ هجريًا).
• حررت في صنعاء اليمن في يوم ٢٦ من شهر شوال سنة ١٣٥٢هــ الموافق 11 فبراير 1934م.
• عن جلالة ملك اليمن حضرة الإمام صاحب السّعادة القاضي محمد راغب بن رفيق بك.
وعن جلالة ملك بريطانيا العُظمى وإيرلندا والممالك البريطانية خلف البحار وقيصر الهند وإيرلندا الشمالية حضرة صاحب السّعادة اللفتيننت كولونيل برناد راودن ريللي، المعتمد البريطاني لحكومة عـدن.
• تبادل الأوراق.
أمّا بنود البروتوكول الذي سبق هذه المعاهدة والذي تعاهدا بهما الطرفين، فكانت توضيحًا لمواد هذه الاتفاقية.
ومن أجل التوضيح أكثر يقول المعتمد البريطاني لمحمية عـدن (1930 ــ 1940م) السير/برناد رايللي Sir, Bernard Reilly في مذكراته التي دوّنها في كتابه ( عدن واليمن ADEN AND THE YEMEN ) ما نصَّه :" في عام 1920م أجتاح الغزو الزيدي أراضي إمارة الضالع الأميرية DHALA الموجودة في محمية عـدن والتي تربطها بحكومة عـدن معاهدة حماية وصداقة من أيّ أعتداء خارجي وفي عام 1923م واصل الغزو الزيدي أجتياحه لمناطق محميات عـدن الغربية واستولوا على سلطنة البيضاء BEIDHA, وأيضًا على مكيراس في الجزء العلوي من سلطنة العوذلي AUDHALI أبين ABYAN في عام 1924م.
واستولت الدّولة المتوكليّة اليمنيّة أيضًا على منطقة العوذلي السفلى " لودر LAWDAR " عام 1926م وهناك قامت بريطانيا بقصفهم جوًا وأجهزت عليهم المزيد من القوات الجويّة الملكية البريطانية في إمارة الضالع وملحقاتها.
ومع ذلك؛ فقد أستمر سيطرة الزيود على سلطنة البيضاء, التي لم يبرم سلطانها أيّ معاهدة مع بريطانيا على الرغم من أن إقليمه يمتد على الجانب البريطاني من حدود الأنجلو ــ أتراك المعينة في عام 1914م باتفاقية الحدود السياسية الدّولية.
ونجد أن القانون البريطاني تمكن من أسترجاع ما فقدته بريطانيا بسبب نشوب الحرب العالمية الأوّلى والفوضى العارمة التي تسببت في حدوثها هذه الحرب، وسكان المحمية الذين خضعوا بشكل مؤقت لسيطرة الحكم الزيدي عند إحتلال أراضيهم رحبوا بالحُرِّية التي أعطاها لهم القانون البريطاني, ولم يرغب سكان المحمية في الخضوع إلى الحكم الزيدي مرّةً أُخرى.
ومع أستمرار الأعتداءات الزيدية الشيعية لمحميات عدن الغربية الشافعية خاصة بعد الأستيلاء على الضالع والبيضاء ومكيراس ولودر من الفترة (1920ــ 1926م) قامت الحكومة البريطانية عام 1926م بالمزيد من المحاولات قبل ــ اتخاذ أيُّ قرار عسكري ــ للتواصل مع الإمام إلى اتفاق؛ وهذا عندما تم إرسال السير/جيلبرت كلايتون Sir,
Gilbert Clayton.
إلى صنعاء محاولة منه في إبرام معاهدة مع الإمام؛ لكن جميع مفاوضاته الدّبلوماسية فشلت تمامًا, وقبله تم إرسال المسؤول الأوّل الكولونيل هارولد .فيتنون .جاكوب, أوّل مساعد مقيم في عدن؛ للتفاوض مع حكومة الإمام بعد جلاء الأتراك عن اليمن.
لقد فشلت المفاوضات بسبب ادعاء الإمام بأنّه يملك كل شبرٍ في الجنوب العربي للجزيرة العربيَّة، بما في ذلك الجزء الأكبر من محمية عدن؛ بل وعدن نفسها.
وادعاؤه هذا مبني على حقيقة أن الأئمة الزيديين حكموا البلد كلّها منذُ حوالي 1630م إلى حوالي عام 1730م.
هذا الادعاء لم تعترف به قبائل محمية عـدن, بما فيها حكامها المحليين الذين أعتبروا مطالبات الإمام مبالغ فيها وأن الإمامة اليمنيّة، لم يحكموا مناطق الجنوب عبر التاريخ؛ بل أتوها غزاة, وهو ليس من أيّ نوع من أنواع الادعاءات التي يمكن أن يتقبله أحدًا في الحكومة البريطانية؛ لأنه مبني على انتهاكات لكافة المعاهدات والمواثيق التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع حكام هذه المناطق.
الوضع أوضحه الإمام تمامًا, لكن؛ لأنه وضعًا صلب, فلم يؤدي إِلَّا لطريقٍ مسدود.
وبعد أن وصلت الحكومة البريطانية إلى طريقٍ مسدود مع الإمام الزيدي لسحب قواته من المناطق التي غزاها في محميات عدن الغربية, أجهز سلاح القوات الجويّة الملكية البريطانية في إمارة الضّالع عام 1928م على جيش الإمام الذي انهار وتقهقر وتراجع أمام ضربات الطيران البريطاني وتقدم قوات أمير الضالع من اتجاه ردفان وحالمين, ورغم تحرير الضالع ولودر ومكيراس من قبضة الدّولة المتوكليّة اليمنيّة إِلَّا أنَّ سلطنة البيضاء لم تحرر والممتدة على الجانب البريطاني من الحدود الأنجلو ــ تركية المعينة في 9 مارس 1914م, وسلطنة البيضاء لم تبرم أبدًا عنها الحكومة البريطانية أيّ معاهدة لتحريرها وكفالة حمايتها؛ لهذا ظلت تحت الحكم الزيدي برغم وقوعها في إطار محميات عدن الغربية وهذا الأمر كان جدًا سيء.
وطوّال الحلول المؤقتة التي تمّ التوصل إليها في عام 1933م؛ فإن حكومة عدن أرسلت السير/برنارد رايللي Sir Bernard Reilly, الذي كان مقيمًا أثناء هذا التاريخ في عدن, تم إرساله إلى صنعاء بتفويض من الحكومة البريطانية للتفاوض على إبرام معاهدة مع الأحلاف الأخرى, ليس لينكر ما يزعمه الإمام من ادعاءات؛ لكن لينشر السلام على حدود اليمن والمحميات البريطانية في الجنوب العربي, ولقد تمكن بالفعل من إبرام هذه المعاهدة في 11 فبراير 1934م التي أحدثت توازنًا بين الدولتين الموقعتين على هذه الحدود دام لعدة سنوات.
هناك شروط معينة قام بوضعها المتفاوضين من حكومة عدن قبل التوقيع مع حكومة الإمام؛ هذه الشروط تنصب على إخلاء أربعة وستين قرية موجودة في العوذلي Audhali أبين Abyan وثمان قرى أخرى حدودية موجودة في بلدة سناح بإمارة الضالع Dhala Amirate, وإخلاء سبيل السجناء والأسرى الذين أخذتهم قوات الإمام من المحمية كرهائن عند إحتلالها لمحميات عدن الغربية مابين أعوام 1920 ــ 1928م, وإعادة افتتاح الطريق التجاري بين محمية الضالع واليمن.
باتفاق فبراير 1934م بقي خط الحدود "Status quo" , كما هو واكتمل تحرير قرى العوذلي أبين الأربعة والستين والثمان القرى الحدودية في إمارة الضالع, والتزمت الحكومة البريطانية بحمايتها في المعاهدة المبرمة هذا العام.
هذه المعاهدة لم تحرر سلطنة البيضاء التابعة لمحمية عدن؛ لأسباب ذكرناها سابقًا..أنتهى كلام المؤلف).

المكتبـة الوثائقيـة الأميريـة

أهــم المصـادر والمراجـــــع:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الصراع الدولي على عدن، فتحي أبو طالب.
تكوين اليمن الحديث د. سيد مصطفى سالم.
رحلة في العربيّة السعيدة, نزية مُؤيّد العظم
اليمن عبر التاريخ، أحمد حسين شرف الدين.
كتاب هدية الزمن في أخبار ملوك لحج وعـدن، لمؤلفه المؤرخ والشاعر/أحمد فضل القمندان العبدلي.
كتاب عدن والسياسة البريطانية في البحر الأحمر، لمؤلفه الدكتور فاروق عثمان أباظة.
كتاب الجنوب العربي ونضال عدن..تأليف المحامي العراقي/كامل المشاهدي طبعة عام 1963م.
مجموعة معاهدات وإلتزامات وسندات متعلقة بالهند والبلاد المجاورة لها المجلد ( 11 ) إعداد: سي. يو. أيتشسن .بي. سي. اس. وكيل وزارة الشؤون الخارجية لحكومة الهند.
ترجمة وتقديم:د/أحمد زين عيدروس ود/سعيد عبدالخير النوبان.
عدن لؤلؤة اليمن من الإحتلال إلى الإستقلال، الدكتور محمد علي البار.
ADEN AND THE YEMEN, SIR. BERNARD REILLY.
كتاب عدن واليمن لمؤلفه السير/برنارد رايللي، المعتمد البريطاني لعدن من (1940 إلى 1930 ).
اليمن ماضيها وحاضرها, دكتور أحمد فخري.
رحلة في بلاد العربيّة السعيدة, سلفاتور أبونتي.
SHADES OF AMBER A SOUTH ARABIAN EPISODE, SIR. KENNEDY TREVASKIS.
كتاب ظلال الكهرمان..أحداث الجنوب العربي لمؤلفه البريطاني السير/كيندي تريفاسكيس، المندوب السامي لعدن.
ADEN UNDER BRITISH RULE 1839 ــ 1967, R.
J. GAVIN.
كتاب عدن تحت الحكم البريطاني لمؤلفه الإنجليزي الصحفي/ آر. چـي. جاڤــن, تعريب أ/محمد العمري.
SHIFTING SANDS, THE BRITISH SOUTH ARABIA, DAVID LEDGER.
كتاب الرّمال المتحركة، البريطانيون في الجنوب العربي، تأليف الضابط السياسي البريطاني/ديفيد ليدجر.
ADEN, SIR. TOM HICINBOTHAM.
كتاب ( عــدن )لمؤلفه البريطاني السّير/توم هيكنبوثام..تعريب د/منال حلبوب.
KINGS OF ARABIA, HAROLD F. JACOB, G.S.I.
كتاب ملوك شبه الجزيرة العربيّة، لمؤلفه الضّابط السّياسي في الضّالع من الفترة (1902 ــ 1907م) الكولونيل/هارولد . فيتنون . جاكوب، الذي تولى فيمّا بعد منصب المستشار البريطاني للمندوب السّامي في مصر بعد الحرب العالمية الأوّلى.
الصّراع الدولي حول البحر الأحمر، تأليف د. آمال إبراهيم محمد.
البحر الأحمر والجزيرة العربيّة في الصّراع العثماني البريطاني خلال الحرب العالمية الأوّلى .. تأليف د/ عبداللطيف بن محمد الحُميد.
الاحتلال البريطاني لعدن.. د. سلطان بن محمد القاسمي.
سياسة بريطانيا في جنوب الجزيرة العربية ، تأليف د/ جاد طه.
الحكم العثماني في اليمن 1872- 1918م د/ فاروق عثمان أباظة.
ملوك العرب، لمؤلفه الرحّالة/ أمين الريحاني.
الاستعمار البريطاني في جنوب الجزيرة العربية ، تأليف/محمد كمال عبدالحميد.
النزاع البريطاني العثماني في جنوب اليمن ، تأليف : عبدالرحمن بن راشد الشملان.

المكتبـة الوثائقيـة الأميريـة

شارك الموضوع ليراه أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
إتضل بنا | فهرس المدونة | سياسة الخصوصية
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبكة أجداور
Created by Maskolis Published by Mas Template
powered by Blogger Translated by dz-site