{[['']]}
كتابة النص الأدبي (شكلا) بقلم:
مختار أمين
كيف
تكتب نصك الأدبي بشكله الحقيقي المعترف به؟
قبل
أن نجيب عن هذا السؤال علينا أن نوضح شيئا مهما، وهو هل هذا الموضوع لازم لكمال النص
الأدبي وجودته؟ أم أنه شيء يفيد الشكل للجمال ولا يخص الجوهر والمضمون؟
فالإجابة..
نعم شكل النص الأدبي لازم لجودته ويخص الجوهر والمضمون، لأن الشكل مساهم بشكل كبير
لفهم المعنى ومبتغى الكلام، ولذلك تجد أن الكتّاب الغرب اكتشفوا هذا وكتبوا كتابتهم
بوضع فواصل (علامات ترقيم) ثم جاء علينا نحن "أحمد زكي باشا" ووضع علامات
ترقيم وفواصل مهمة لتفصل الكلام عن بعضه لفهم المعنى، وأقرّت ذلك وزارة المعارف المصرية
القديمة (وزارة التربية والتعليم) وأقرّه المجمع اللغوي سنة 1932م، وعندما أقرّ أحمد
زكي باشا هذا عند ظهور المطابع؛ ساعد ذلك على فهم المقروء المطبوع بشكل لا يحتاج للعون..
ومن
هنا تطور الأمر وانتشرت المطابع والكتب، وأصبح شكل الصفحة المطبوعة المقروءة شكلا واضحا
معروفا لدى جميع دول العالم، وأي كتاب تضع يدك عليه من أي جهة وأي نصوص داخل الكتب
والصفح المقروءة لها شكل واحد معروف، وإن حدث تغيّر كان تغيّرا طفيفا لا يتزيّد في
التجاوز الشكلي ـ ونجد هذا كثيرا في القصائد الشعرية الحديثة المعاصرة ـ محافظا عن
الأصل الشكلي بدرجة كبيرة..
وهذا
يجرّنا إلى مفهوم أصبح طبيعيا بديهيا “أن كل مكتوب مقروء”، والقراءة أعزائي بالعين
والفهم، ولا نختصر القراءة على الكلمات وتجاورها بجوار بعض، أي أن ترجمة المقروء لم
تقتصر على فهم اللفظ فقط ودرجة تحقيق هذا الفهم في النص، لا القراءة شيء فهمي واسع
الدرجات والمفهوم، إذ أن قراءة المكتوب تحقق مع الفهم غايات كبرى، ومنها الاستمتاع
واللذة، وتساهم على رهافة الحس وتثير الوجدان الذي ينتج فكر مقابل ليكون رأيا..
المكتوب
الردئ في الشكل يقتل النص الأدبي، ويقتل فوائد القراءة، وعندما نحاول طباعة هذا الكلام
الذي يبعد عن شكله الصحيح نبذل مجهودا خارقا لتحويل هذا المكتوب إلى شكله الطبيعي،
وهو يساهم بشكل كبير في تكاليف الطباعة، وأنتج مهن خارجية دخلت في عملية الكتاب في
مراحل طبعه: “المدقق ـ المنسق ـ مخرج الصفحات ـ المونتاج” كل هذه المهن مهن مصطنعة
صنعها الجهل في كتابة المكتوب من ناحية الشكل..
ولكم
أتعجب أنا وتزيد دهشتي كل يوم حتى وصلت إلى مرحلة الضجر، وكادت أن تصرفني عن قراءة
كل النصوص الأدبية خارج الكتاب، قلة محترفي الكتابة من ناحية الشكل، والشكل بساط مهم
للوصول إلى المضمون، فأكثر من 90 بالمئة من المكتوب على الفيس يظلم النص الأدبي وجوهره
ومضمونه، ونرى فيه العجب العجاب، من يكتب سطرا ناقصا لا يفصل بفاصل واضح من علامات
الترقيم ويبدأ في سطر جديد بلا معنى، ومن يكتب سطرا ويتبعه بسطر من النقط أو علامات
الاستفهام الكثيرة أو علامات التعجب الكثيرة، أو مد حروف الكلامات ـ وضع شرط داخل الكلمات
لتطويل الكلمة ـ أو منتجات الفيس بوك من رسومات وعلامات وأشكال، أو نص لا يوجد به علامة
ترقيم واحدة، أو وضع علامات ترقيم بخلاف موضعها الصحيح، وأغرب ما رأيت على الفيس بوك
من أخطاء تذهل العقل أخطاء مدققي اللغة، وعارفي اللغة العربية، أغلبهم يخطئون في وضع
علامات الترقيم ولا يقيمون لها وزنا، وأغلب ما صادفني كانوا يكتبون علامات ترقيم في
غير مواضعها الصحيحة، وهل الإلمام باللغة العربية وبلاغتها واقف على النحو والصرف؟
شيء غريب، وإلآ كل من يلم بقواعد النحو والصرف صار أكبر كاتب وأديب، ويعلم ويدرك تكنيك
كل النصوص الأدبية وهو الحاكم الأول والأخير عليها، ويصبح قادرا على كتابة أي نص أدبي
بإبداع..
هذا
هو أعزائي فالنص الأدبي له شكل مهم يخص المضمون والفهم..
عليك
أخي الأديب أن تلم إلماما صحيحا بعلامات الترقيم وتجعلها جزءا من حرفتك، ولا تصطنع
ولا تبتدع أشياء في الكتابة غير معروفة في شكل الصفحة التي تقرأها في أي كتاب، كن مقلدا
في كتابتك لأي صفحة كتاب من الكتب الجيّدة، ولا أقصد في مقالي هذا علامات الترقيم فقط،
بل همزة القطع وهمزة الوصل ضرورية ضرورة مهمة، والشدة على الحروف هي حرف لازمة كما
الحرف في الكلمة، وإن ضاعت الشدة من كلمة استوجبت الكلمة وجودها تعد كلمة ناقصة حرف،
أي خطأ إملائي، ولا تستوجب أي جملة أكثر من علامة ترقيم واحدة..
أيّها
الكاتب لا داعي من وضع ألف علامة تعجب أو استفهام، أو تستخدم علامة ترقيم لتزويق كلامك
ـ أن تضع مثلا فاصلة منقوطة بعدد كبير تستخدمها للفصل ـ أو وضع مئات النقط، يوجد في
علامات الترقيم المعروفة النقطتين (..) والنقط الثلاث (…) وكل منهما له دوره المحدد
كما كل علامة الترقيم لها دورها المحدد..
وأخيرا
هذا موضوع رأيت أنه مهم، أجهدني كصاحب دار نشر أتلقى كتب من كتاب الفيس تجهدني وتكلفني
مبالغ طائلة خارج الطباعة حتى أستطيع طبع الكتاب، وإني لمدهوش في مقال سابق تكلمت عن
بعد الكتّاب عن قراءة الكتب، وأجدني اليوم أشدد بضرورة القراءة من الكتب حتى يتعلم
الكاتب شكل الصفحة في الكتاب وطريقة كتابة السطر الصحيح، والعبارة الصحيحة، والجملة
الصحيحة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق