بقلم الكاتبة المتألقة/ عزيزة القبلي
مسار...
أعظم ما في الوجود أن يحقق الإنسان ذاته بحصوله على ما كان يصبو إليه طيلة حياته.
فعندما يجد نفسه يوما يعانق حلمه وقد وصل إلى مبتغاه، يرى تلك الصعاب التي اجتازها لبلوغ مراده أصبحت ذليلة في عينيه ولا تساوي شيئا لحظة نشوته بنصره، ففرحه لا يضاهيه فرح.
وقد يكون مشواره طويلا عدا، غير أنه تحدى في سبيل طموحه كل العراقيل بكل ما أوتي من قوة وعزيمة حتى صار مضربا للمثل وموضوعا للراغبين في اتخاذه مثلهم الأعلى.
إنه بكل فخر واعتزاز نعم القدوة التي يقتدى بها، فمن يرغب في السير على خطاه عليه أن يتحلى بصبره وجلده وأن يستفيد من عثرة قد يتعثرها في طريقه بحيث لا يقف عندها بل يتابع المسير، فالطريق غير مضمون وليس من العيب أن يسقط الإنسان مرة أو مرتين إنما أن يظل حيث سقط متحسرا على الركب الذي سبقه.
وكل إنسان به طاقة كامنة إذا استغلها أحسن استغلال نال ما يتمناه، أما إذا سبر عليها غبار الكسل والخمول فإنها لا محالة ستدفن بداخله ولن تخرج للوجود.
لذا على من يرغب بالنهوض بنفسه والرقي بها إلى الأعالي أن لا يحتسب ما ضاع من عمره، وليبدأ مرحلة جديدة من حياته حال إستفاقته من غفلته ولا يبكي على أطلال الماضي وليستقبل مستقبله بصدر رحب ملؤه التفاؤل والإقدام ناشدا دوما التجديد كي لا يظل حبيس الحسرة والأسى على ما فات من عمره.
ولعل أهم مساعد له في معركة الحياة هو التركيز فتشتيته يجعله يضيع في متاهات قد لا يخرج منها مطلقا لأن أسير الفكر مشلول الحركة مثل ثائر لا يعرف عدد أعدائه ولا ممن سيقتص أولا وقبل أن يحطمهم يحطموه.
وبهذا كلما حدد الإنسان مسار حياته كلما سهل عليه سلكه، فلينطلق ولا يبالي ببقية المارين فلكل وجهته.