( قصة شظايا بين خيوط الشمس) المشاركة الفائزة بالمركز الأول في مسابقة أقلام وقصة.

{[['']]}
          مسابقة #أقلام_وقصة في القصة              (مجموعة اليمن تكتب).
المشاركة الفائزة بالمركز الأول:
أســـم المشاركــــة:
شظايا بين خيوط الشمس .
كاتب المشاركـة:
عبـــــــــدالله بارجـــــــاء

بينما كانتِ الشمسُ تخبو وراءَ الجبل، تسترق النظر تأهباً للإشراق، كُنا نَحْبُو بأرجلنا المُرتعشةِ خوفاً، وأيدينا المُكبلةِ باتجاهِ المنصة ، تِلك البُقعةُ المخيفة والتي قد تبرأ منها الوطن لحجمِ الدماء البريئة التي سُفِكت فيها، توقفوا فجأةً عن المشي وتوقفنا معهم مُجبرين.

صرخ القائد مقطِباً حاجبيه:
- هُناك شيءٌ مُريب ، أشتمُّ رائحة فخ !
- قوموا بتفتيشهم حالاً ( قالها مُرتبكاً كأنه أحس بِخطر)


اقترب مِنا عِملاق مفتولُ العضلات ذو كتفينِ مُتسعين وذراعينِ مُنتفختين.

"انبطِحوا حالاً " صرخَ بهاوهو يشيرُ باتجاهِ الأرض.
.
تناثرنا على الأرض كأننا أجذاعُ نخلٍ خاويةٍ من الحياة، فلم يبق لنا إلا الموتُ الفِعلي بعد أيامٍ من الجوع والتنكيل، قد ماتَ الخوف بداخلنا فَلِمَ نهتم بعد ذلك بالنجاة ؟!
.
كُنتُ شارداً بفكري إلى الوراء قليلاً حيثُ ابنتي الوحيدة ترقدُ على فراشها، أو ربما تبكي لأنها جائعة، من يدري كيف حالها الآن!

وعدتُها يوماً أن أصطحبها لأُعلمها رَقص البالية على أسوار الوطن المَخنوق، وأُعلمها ماهو الوطن وكيفية الدفاع عنه !
وماهوَ الزهر وكيف يَنبت من بين الحُطام ! وأن هناكَ زهرةٌ تَنبُت من دم الشهيد ، وفوقَ كلِ قبرٍ ، هناكَ أيضاً زهرة تَنبُت من دمع أمه ، وبينَ كلِ زهرةٍ و زهرةٍ هناك رصاصةٌ تستَقر في صدر العدو .

لم يقطع شرودي سِوى صرخةٍ قذفَ بها رامي باتجاهِ الجبل فارتد صداها أضعافاً مُضاعفة، جعلت شَهقتي تعانق مسامِع الملائكة.

"مابكَ أيها اللعين؟ سوف أقطع عنقك إن حاولت اللعب مرة أخرى" صَرخ القائد وهو يُشهرُ سلاحه باتجاه رامي.

"أأأعتذرر ياسيدي، أحتاج دُخولَ الحمام، لن أستطيع الصبر أكثر" (قالها رامي وعينيه تبرُقُ بالدمعْ)


" حسناً .. لابأس خُذه بعيداً ليقضي حاجته، وليعدْ بِسرعة" ( قالها القائد موجهاً حديثه لأحد أعضاء التنظيم )
.
ذهب رامي مكبّلاً لقضاء حاجته، وبقينا نحنُ ننتظره ونعُدُ كم بقي من الوقتِ لتفارقَ أرواحنا أجسادها، مرّ عليّ شريطُ عمري بشكلٍ غريب، رأيت نفسي في حفلِ التخرج وأنا أقسم باليمينِ أن أدافعِ عن وطني وأدفع روحي فداءً له، كانَ مُجردَ قسمٍ رددته كما اعتاد الطلاب من قبلي على ذلك ، والآن أشعر بقيمةِ أن تتركَ الحياة، وتتجه للموتِ بقدميكَ وتنظر بعينك إلى الطريقِ المؤديةِ إليه. بِتُ أنتمي لأولئِكَ المحاربين الذينَ يقطنونَ حدود الوطَن، من يستطيعون النهوض بعد كل هزيمةٍ ويقولون : لم نهزم بعد !

" آآه" سمِعناها تفلقُ الحصاةً من شدتها، كان ذلكَ صوتُ الإرهابي الذي كان يرافق رامي.

تناطسوا جميعاً باتجاهِ الصوت، وتركونا مربّطين على الأرض، لحقناهم ببصرنا حتى النهاية، فإذا بانفجارٍ هزّ المكان هزاً ،

بقينا ننظر والصدمةُ تُكبّلُ تفكيرنا، وتعجزُ عقولنا عن تفسيرِ ماقد حدث .
انطفأت الشمس، ثُم عادت في صباحِ اليوم التالي برفقةِ الرياح التي تحملُ في طيّاتها الخبرالأهم في صحائف الأخبار :

"جُندي يُنقذ جنوداً آخرينَ من قبضةِ الموتِ حين قرر أن يَسْحقَ لُغماً لينثر أشلاءه وأشلاء العشراتِ من جماعةِ إرهابية "

أكملنا مراسيمَ جنازته، وصوتٌ بداخلي يرفضُ أن يصدق ذلك ، كيف لشخصٍ أن يموت ليحيا آخرين؟ ، أليس هذا ضرباً مِنَ الخيال !
.
مِن أمام رُفاتِ صديقي رامي ، بنيتُ جَبلاً من المعاني ، هو لم يمت ليحيا بِضعةُ جُنودٍ آخرين ، بل مات ليحيا وطنٌ أثقتلهُ الجِراح ، وطنٌ يئنُ من أخْمُصِ أرضه إلى جبين سمائه ،

ألم يُفكّر ولو للحظةً في أطفاله ؟!
انهدّ جبلي أمام صلادَةَِ هذا التساؤل ، ياترى هل فكّر فيهم ، أم أنه حينَ قرر إنهاء حياته لم يكن يرى أمامه سوى لافتات الوطن !


أغمضتُ عينيّ، بدأتُ أقنع نفسي أنها حقيقية تقبعُ في الوجود ، تسللَتْ دمعةٌ إلى جفني، سقطت ، وسقط معها شيئٌ أظنهُ مُطلقاً لن يعود .
شارك الموضوع ليراه أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
إتضل بنا | فهرس المدونة | سياسة الخصوصية
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبكة أجداور
Created by Maskolis Published by Mas Template
powered by Blogger Translated by dz-site