قصة ( نيسان , اليوم السابع ) المشاركة الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة أقلام وقصة.

{[['']]}
  مسابقة #أقلام_وقصة في  القصة القصيرة (مجموعة اليمن تكتب).
المشاركة الفائزة بالمركز الثاني:
أســـم المشاركــــة:
(نيسان، اليوم السابع)
كاتب المشاركـة:

وحيدون نحن كالنجوم!
وفي خصر الموج تتضارب هواجسنا، أنت هناك وأنا هنا أركض خلف ثريات حضورك اللامعة، كلما اقتربت منها وعدتني ببعد جديد!
يا لهذه السماء الخالية من النور!
أشعر بالغربة بعيدا عن رائحتك!
حلقت الطائرة، صارت الأرض تبدو كقطع نور تخالجها بقع ظلام، السحاب يعم الخارج ويلامس وجنات النوافذ، نمضي غير شاعرين بالحركة، دفعة واحدة تقفز إلى ذاكرتي حفلتنا الأخيرة، أعيشها خيالا كما عاشت "بوفاري" صدى البال الراقص لأيام، هل أشبهها حقا الآن؟

أحبك بحزن واع أننا لن نثمر في حبنا إلا كما يثمر التمر بلا لواقح، كلانا يحترق في نجواه فريدا،
.. وتتركني أذهب ببساطة!
هل جني التخاطر في رأسي كاذب؟
أشعر أنك مثلي تهفو إلي كأني حلم تماما كما تهرع إليك كل ذرات عوالمي، من في العالم يراك كما أراك،؟.. ربما أنا فقط!
-قهوة؟عصير؟نبيذ؟أم ماء؟ تسألني المضيفة.
-لا شيئ، شكرا.
فتعبر الممر الضيق بعربتها الصغيرة المكدس فيها كل شيء، أكل وشراب وجرائد، سائلة الساهرين عما قد يؤنس سهرهم بلطف متعب لكنه أنيق..
ومن يؤنس سهري أنا دونك، هل هناك مشروبا برائحة أنفاسك، ولمعة عيناك، وابتسامة شفاتك!
نصف الركاب نيام، وامرأة افريقية في المقعد المقابل، تداعب طفلها بيد، وترش عليه نسمات باردة بمروحتها الحمراء.
أنت بعيد الآن، كما في قربك دوما!
كيف تحتفي بك الأرض الآن؟ حتما ليس كما تحتفي بي السماء؛ جو راكد، أعين نعسى وخصلات مرمية على الأكتاف والوجوه بشكل أهوج يثير الضحك والحنان في عين الناظر إليها، ظلام شبه ثمل بإضاءة ناعمة، وألوان قرمزية غامقة تغلب على حشا الطائرة؛
قبل ساعتين كنا معا؛
-كم تفرقنا اللقاءات! قلتها فجأة!
وأنت لم تجب على قولي، بل أشحت عني و ناولتني كأس الشاي، أخذتُ منها رشفة وتساءلت: هل يحبني؟ هل يشتاق لي كما افعل؟
قنديل البحر في رأسي حكيم جدا، يخبرني أن الحماقة محض عقل أهوج الأدرينالين، ويقول أنك تحبني! هل حقا ذلك؟ كل شيء يخبرني بحبك إلا أنت. نظراتك، بصماتك على بصماتي حين تتقاطعان في لمسة عابرة غير مقصودة، صدفك التي تختبئ خلفها لتمرر حبك ثم تتعذر بالصدفة!
حتى الشاي الأخضر الذي كنت تكره مذاقه، بعدما عرفت أنني أحبه، أحببته أنت فجأة، ووجدت علبته في حقيبتك!
هذا تفصيل أراحني كثيرا، حين أدرك ارتباطك بأمر أرتبط به كذلك؛ أخفي ذلك عنك، وأنتشي به بسرية لذيذة ، وقتها كان القمر يهزل؛ أخذتُ رشفة أخرى، وشربت منك كل حبك للقمر وكل حبي له، كم كانت نظرتك فرحة وغائرة في هدوء الليل، هذا الأخير كأنه تعانق مع روحك، وجعلني أترنح بصمتك في وجدانك بانسيابية مبهرة دون عائق فكري أو مانع مادي؛ عمقك له خاصية الحضارة الخالدة، وصفات الماءات العذبة.
في الحفلة راقصتني مطولا، يدك في يدي، عيناك وكل شيء فينا صارخ أنني محار قلبك وأنك محار قلبي، دوما ما يحدث هذا، تقاومنا الحقيقة ويغرينا التأويل، ثم تنتصر على تأويلنا الحقيقة، لكننا نمضي في خطين متوازيين البادي أنهما ينطلقان من نقطة واحدة، كظل يخشى فقدان صاحبه، ونمضي كل في أمانيه حسب ضرورته، ربما أيضا أن ما يجمعنا أنت كذلك تسميه حبا، وتستمتع بوصلي، بقربي، ببعدي، بحديثي، بلا شرط وبلا قيد وبلا أمل!
لكني أريد أن أسمعها منك واضحة، أنك تشتاق إلي وتحبني.
كم ضحكنا حين دست على ثوبي خلال الرقصة الهادئة، تبين لي بعدها أنك تعمدت ذلك لتخرجنا من لفافة الصمت الذي كان ينحدر من الوله إلى الحزن!
غدت هذه ذكرى فقط!
في المطار، لم تتحدث كثيرا، مشينا في الصالة الكبيرة بلا هدف بذريعة البحث عن مقاعد شاغرة، كنا نمر عليها ولا نراها، كنا نريد فقط أن نمشي معا لأطول وقت ممكن، تجاورت خطانا لربع ساعة لا يزعجها إلا وقع كعب حذائي، ولعب أطفال مسرورين بالسفر.
توقفنا أمام الواجهة الزجاجية السميكة التي تعكس ما وراءنا بوضوح تام، أخرجت كتابا وأهديتنيه؛
-إليك، كتابي المفضل.
أمد يدي لأخذه، فتضع يدك عليها على ظهر الكتاب، تنظر إلي مليا متابعا:
-هدية ميلادك لهذا العام!
لم أعتد أن أشكرك، ملت على خدك فقبلتك بهدوء حار!
بعد لحظتين، نودي في مكبر الصوت أن الطائرة المتجهة لغينيا الاستوائية ستقلع بعد نصف ساعة، وأن على الركاب الالتحاق بمقاعدهم، لم نتحرك لدقيقتين بعد أن صمت الصوت.. التفتنا لبعضنا مبتسمين،
أردفت:
-هو وقت السماء سيدتي الحرة!
- لا معنى للسماء بلا أرض يا عزيزي..أجيب، ثم ضحكنا بلطف.

يتلاشى ضحكنا في عناقنا التلقائي؛ ينطبق قلبي على قلبك، فأنظر لعالم ثان غير العالم الذي يمضغه قلبي، صرنا في الوسط جسدا واحدا وأعيننا تطل على خلفيات مختلفة، كرهت المقارنة فأغمضت عيناي وتشبثت بك لوهلة بقوة!
شارك الموضوع ليراه أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
إتضل بنا | فهرس المدونة | سياسة الخصوصية
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبكة أجداور
Created by Maskolis Published by Mas Template
powered by Blogger Translated by dz-site