(أشهب ) القصة الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة أقلام وقصة .

{[['']]}

مسابقة #أقلام_وقصة في القصة القصيرة   (مجموعة اليمن تكتب).
المشاركة الفائزة بالمركز الثاني:
أســـــم المشــــــــاركــــة:
أشهب ( قصة قصيرة) .
كاتب/ة المشاركـة:


ما كان للورق 'الأبيض'
أن يخلُق هذه القصة
لو لم يتقبل الحبر 'الأسود'..
طَغت على المجلس غيمة من السكون ظللت كل من يجلس مخدرا تحت تأثير القات، كسر الصمت صوت جهور:
-السلام عليكم!


رد البعض التحية بلا وعي والآخر أطبق صامتا.

كان الصوت لشاب في العقد الثاني من عمره، أسود البشرة، مُجعد الرأس، يرتدي بنطالا أسودا مرتبا.
أدرك كل من في المجلس  بأن الوافد من المهمشين (خادم)..

تقدم الشاب إلى منتصف المجلس وقد ارتسمت عليه ابتسامة مُبهمة مليئة بالثقة والخوف معا.
 مد له أحد الجالسين نقودا: "خُذ الله معك".

لكنه كف اليد، وكسرعرف المجالس بشجاعة مفرطة! كان يتصدر المجلس، وفي عينيه لمعة غاضبة تطفو من روحه، ودمعة تترقرق في عينيه؛ تُلخص بؤس مهده.
تكلم بصوت عميق يستقر صداهُ في غياهب النفس: "يا شيخ عبد الله لم آتِ لأطلب من هؤلاء شيئاً؛ فطلبي عندك". وابتسم بثقة كست ملامحه.
رفع الشيخ نظره آمراً أحدهم بإعطائه (ألف ريال) ليرحل. وقبل أن يفعل ذلك قاطعه الأسود صارخاً: "لماذا تصرون إلا أن تمنحوني المال؟! ألا تستطيعون أن تنفقوا شيئا أخر؟! الحب مثلا!". صرخ وكأن هستيريا ما ألمت به فجأة

نظر كُل الجالسين إليه باستغراب، ونظر إليه الشيخ وكأن في عينيه حمم غضب سُعرت من جحيم الذكريات: "هل أتيت هُنا لتعلمنا يا (خادم) فلتذهب!

 قام أحدهم لإخراجه،

بدأت الدموع تحتشد في أحداقه محاولةً اختراق جدار الصدمة.
قال وقد بدا في بوحه الانكسار: أنا لم آتِ لأتسول يا شيخ؛ أنا أتيت لأطلب يد ابنتك.

أطبق الصمت على المكان! وقف الشيخ وقد تحمر وجهه غضبا كأن الشاب قد مس شرفه.

تابع الشاب قائلا:
-نعم يا شيخ فقد أخبرتني ابنتك -حين كانت على سريري- بأن عليّ أن أطلب يدها منك لكي أصبح أب......و قبل ان يكمل كلمته........
________

في الغرفة المجاورة:

كانت تتجهز على عجل، بعد أن أخبروها أن (أشهب) –مريضها النفسي- قد فر من المصحة، وقبل أن يغشى سواد لثامها بياض وجهها دوى صوت طلقة نارية تلته صرخة أثارت الرهبة للجميع.

 ركضت "س" هاتكة حرمة المجلس باحثة عن مصدر الصوت، وبين الجموع وبشاعة المشهد صرخت: "ماذا فعلت؟!". لم تستطع أن تستوعب ان (أشهب) قد قتل على يد أبيها!
_______
في المحكمة:
بدأت"س" تعطي أقوالها:
-عرفته قبل خمس سنوات  كان يعاني من عقدة "أن الله لن يدخله الجنة لأنه أسود ولا نسب له" كان هذا العالم القذر سبب مرضه،
أمه نفيت من مجتمع الخيام لأنها قاتلت لبقائه لأنه غير شرعي؛ فقد اغتصبها رجُل (أبيض) لهُ حسب ونسب لكنهُ بهائمي الغرائز، لم يُغط بياض بشرتهِ ذاتهُ المظلمة.
ولد تحت أحد جسورالمدينة في منتصف الليل؛ خلق على ظلام الكون. وبعمر ال(13)أتت بهِ أمُه إلينا فاضطررنا لإبقائه معنا خمس سنوات بعد أن تكفلت أنا بنفقاته.

وحين أصيب والدي -نطقت اللفظ باشمئزاز- قبل(9) أشهر بفشل كلوي، جاءت أمه للمشفى وأصرت إلا أن تتبرع له بإحدى كليتيها امتنانا لما قدمت لابنها من مساعدة،
لم أستطع منعها، قالت بأنها لا تريد أن أشعر بفقد أبي كما شعر ابنها، سألتني مازحة:
-هل والدك مثلك شديد البياض؟

 -ورثت البياض عنه.

-اخشى لو علم بأن الكلية لسوداء، ألا يقبل وينتزعها.

بعدها ماتت "سوداء" بسبب خطأ طبي أثناء تبرعها لأبي!
منحت أبي الحياة ولم تعلم أنها منحت (لأشهب) قاتله.

تدهورت صحة (أشهب) بعد رحيلها.
وقبل أيام أخبره أحد الممرضين الحمقى أن اللون الأبيض ليس فقط لون قميص الممرض -الذي ماتت أمه بين يديه- بل لون كفنها أيضا.
عندها بدأ بالصراخ بلا توقف:"إن الأبيض يقتلني..إن الموت أبيض". حاولت تهدئته، كاذبة بأني سأجعله أبيض .. سألني متعجبا "كيف"؟  

أجبته أني أملك قدرة إعجازية، وسأمسك بيده حين تتوسط الشمس السماء في منتصف الشهر وسيصبح أبيضا.
قلت مازحة:
-لكن علي أولاً أن أستأذن  أبي لأن ذلك ضروري لتنجح المعجزة".

-وهل سيقبل والدك؟!

-بالطبع

-أهو أبيض؟

تهربت من سؤاله، أخبرته أنه طيب.

-إنهُ أبيض ولأنهُ والدك سيوافق حتماً أين هو؟

 -بالمنزل، نعيش سويا

-وأين تسكنين

-أسكن مع زوجي وأهلي في منزلنا، في الخمسين؛ منزل (أبيض) يحيطه سور كبير. أحسست أن الأبيض سيضايقه فحاولت تغيير الموضوع. "سآخذك إليه قريبا".

كنت أعلم أني لن أقوم بذلك، فلن يصدق أبي أو زوجي أو أي أحد أن (أشهب) ذو(18) عاماً ليس مريضي فحسب، بل ابني الذي لم أحظَ به.

اليوم حاولت جمع مبلغ من المال لمشروع صغير يقتات منه بكرامه بعد خروجه.
لكني تأخرت عنه ففر صباحاً من المصحة، تلقيت اتصالا هاتفي يخبرني أن (أشهب) مفقود منذ(4) ساعات، لم أكن أتوقع أنه سيأتي إلى بيتنا!


 انهارات "س"

-كيف فعل أبي ذلك! ألم يفكر أنهُ في سن ابني، وأني متزوجة! ألا يثق بي! وهل حياة الناس رخيصة لهذه الدرجة! وماذا فعل!
قتل ابن من يحمل كليتها!
تابعت في انهيار:
-رصاصة ابي قتلت (أشهب) إلا أنها أرسلته ليحيا هناك في السماء حيث لا فرق بين أحد. أحياناً تكون رحمة الطلقة اكثر حكمة من وحشية القاتل!.

أخذت نفسا وقالت:

-أجل أبي القاتل فمتى القصاص سيدي القاضي؟!.
تمت .
شارك الموضوع ليراه أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
إتضل بنا | فهرس المدونة | سياسة الخصوصية
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبكة أجداور
Created by Maskolis Published by Mas Template
powered by Blogger Translated by dz-site