{[['']]}
أحبها بصدق ، أحبها
وهو الذي قد عُرف بعشقه لجميع الإناث ، وبعلاقاته الغرامية المتعددة .. كانت أغلب الفتيات
اللاتي عرفهن يقعن في حبه ، وكان هو " كازانوفا " الذي لا يملّ ولا يكلّ
عن الارتباط بعلاقاتٍ مع هذه و تلك .
دوما كان يردد
" من ذا الذي لا يحب النساء ؟ بالتأكيد هو أحمق ذلك الذي يكتفي بامرأة واحدة
!! "
لم يتوانى مرة
عن التقرب من أي فتاة تعجبه في أي مكان حتى أمام الناس ، كان يقترب من فريسته وينظر
في عينيها مباشرة حتى تلتفت إليه ثم في ثانية واحدة يصبح بجانبها وقد بدأ في أحاديث
الغزل التي يحترفها ويتقن أساليبها ، ولا ينتهيا إلا وقد حصل على رقمها واتفقا على
لقاء في اليوم التالي !
جاذبيته الشديدة
لدى الفتيات - خاصة الصغيرات - أو ما يسمونها الكاريزما كانت هي المفتاح للوصول لقلوبهن
؛ على الرغم من كونه ليس وسيما بالمطلق ، لكن شخصيته أو جاذبية حضوره الطاغية كانت
تغنيه عن وسامة أجمل ممثلي هوليوود !
أخبرني ذات يوم
أن جميع الفتيات اللاتي عرفهن برغم جمالهن وفتنتهن لا يشغلن ولو جزءاً بسيطا من تفكيره
ولا يحتلين مساحة بحجم حبة أرز في قلبه .. _ سألته وقتها : وهي أتحبك ؟
تنهد تنهيدة شعرت
بحرارتها في قلبي أنا ثم قال : هي تحب غيري ..
ثم سكت ونظر إلي
مطولا مثبتا عينيه في عينيّ لثوانٍ خلتها دهرا .. عرفتُ حينها لِمَ تقع الفتيات في
غرامه بتلك البساطة والسرعة التي أخبرني عنها والتي لم أستطع تصديقها حتى رأيت نظراته
في هذا اليوم ..
حقيقة لولا أنني
أعلم بأن نظرته لم تكن لي بل كان توهانا ، ولولا أنني محصنة تماما أمام الحب وإلا لكنت
وقعت تحت تأثير سحره وذبت في غرامه كجميع الفتيات اللاتي حدثني عنهن .. أعترف بذلك
.
كانت علاقتنا تختصر
في كلمتين " توم وجيري" لا نتفق أبدا لكننا لا نختلف أبدا ، نتشاجر كثيرا
ونتخاصم لأيام لكننا لم نكن نستطيع الانفصال نهائيا عن بعضينا .. كان شيئا يلزمني البقاء
معه وكان وجودي معه يعني له الكثير لكن ليس كوجودها هي .. مضت أوقات كنت أتخيل نفسي
أحبه لكنني سرعان ما أعود لوعيي وأنتبه أنني قد قطعت عهدا على نفسي ألا أحب مطلقا
..
انتبهت من شرودي
وعدت أسأله وقد استفزني كثيرا استمراره في حبها رغم معرفته بحبها لغيره .. صحتُ بغيظ
:_ تحبها وهي تحب غيرك ! وكيف لها أن تحب غيرك وهي تعلم بأنك تحبها ؟!
وضع يده على قلبه
وكأنه يحاول أن يخفف من ألمه :_ وماذا في ذلك ؟ نحن لا نملك من أمر قلوبنا شيئا إن
أحبت ، لا نملك الخيار ولا القرار ، فقط نستسلم ونسلّم لها القيادة طواعية ... ثم هي
لا تعلم بأني أحبها ، لم أصارحها لم أجرؤ في الحقيقة بعد أن أخبرتني بقصة حبها ..
كنت أستمع إليه
وعيناي مشغولتان بالنظر ليده التي وضعها على قلبه لا أدري لِمَ ؟ ربما لأني شعرت بالألم
ينتقل إليّ ، أو ربما أشفقت عليه فوددتُ لو أضع يدي مكانها علّني أستطيع التخفيف عنه
.. استرجعتُ كلامه الأخير محاولة أن أفهم ماالذي يجبر شخصا على حب أحدهم وهو لا يحبه
بل أيضا يعلم بأنه يحب غيره ؟!!
تذكرت حكايات كنا
نسمعها في صبانا عن الحب المستحيل ، الحب من طرف واحد .. طرف يحب ويعاني ويتألم ، وطرف
لا يبالي وربما لا يعلم ، وكنت حينها أجد الأمر صعبا أن أحب شخصا لا يبادلني نفس الشعور
أو أن يقع في حبي أحدهم وأنا لا أعلم عن شعوره ولا حتى أدرك وجوده كما تقول بعض تلك
الحكايا !
في إحدى المرات
سألته وقد استبدت بي الحيرة كيف ظل يحبها على مدى ستة أعوام بدون أن يفصح لها وبدون
أن تشعر هي ؛ مع أنه كان قريبا جدا منها في أغلب بل في جميع أحداث حياتها ولم يكن يمر
يومٌ بلا محادثات بينهما أو مكالمات صوتية ومرئية ! كيف لم يلتقط رادارها شيئا من تلك
العواطف التي ألمسها ولست المعنية بها ؟! كيف لحدسها الأنثوي أن يغفل عن اهتمامه الزائد
واشتياقه وولعه الظاهر في عينيه للناظرين كلما رآها أو ذُكر اسمها أمامه ؟ فكيف إن
كانت أمامه بذاتها ! .. طرحت عليه سؤالي وقد عزمت على توجيه كلمات شديدة اللهجة له
بسبب خضوعه وجبنه واستسلامه وووو ..
بعد أن أتممت سؤالي
ابتسم ابتسامته المعهودة والتي استغرب كثيرا كلما رأيتها فقد كان يفاجئني بقدرته على
الابتسام رغم ذلك الألم الذي ولا شك يعتصره ..
_ يا صديقتي يبدو
أنني أحببت جدارا في هيئة فتاة .. هي لا تشعر بي مطلقا مهما أبديت لها من اهتمام أو
أظهرت للقائها شوقا ولهفةً .
اغتظت أكثر وصرخت
فيه :_ جدار !! تعلم بأنها بلا إحساس ولازالت تحبها ! أي بشر أنت ؟ ما نوع القلب الذي
ينبض فيك ؟
أجابني مبتسما
تلك الابتسامة : قلبي " حياة "
وجدتني أشتم تلك
المدعوة حياة وأنعتها بالحية لكنه صاح بصوت لم أعتده منه ، ولم أتوقعه ، لقد أفزعني
حقا :_ لا أسمح لك بذلك .. أنا أحبها وراضٍ بما تفعله بي لا شأن لك بي ، وأرجوك إن
كنتِ ستذكرينها بسوء مرة أخرى فلا تتحدثي معي مطلقا ..
مرت شهور بعد تلك
الحادثة كنت أتجنب الحديث عنها تماما ولو بالتلميح كي لا استفزه فينفذ تهديده بمقاطعتي
.
هاتفته بعد أسبوع
كنت قد انقطعت فيه عنه بسبب انشغالي بالامتحانات الفصلية في الجامعة .. فاجأني صوته
الذي جاءني ليخبرني بأنه مريض وقد تم نقله إلى المشفى .. كان صوته متعبا موجوعا كسيرا
، انتابني القلق أخذت العنوان منه وطرت إليه .. في دقائق معدودة كنت إلى جواره أحدق
فيه وهو ساكن لا يأتي بحركة شعرت بالخوف هل يكون قد .. لكنه فتح عينيه وحالما رآني
ابتسم لكن ابتسامته هذا المرة كانت مختلفة كانت شاحبة حزينة ، امتدت يده ليمسك يدي
فسارعت ومددت يدي لأضع يده فيها مطمئنة وأنا ابتسم ولا أدري كيف استطعت انتزاع تلك
الابتسامة رغم قلقي وخوفي عليه .. التفت إلى عينيّ وقال وهو يصطنع المرح :_ ما كل هذا
القلق يا " شروق " يبدو أنك أخيرا قد وقعت في غرامي ، اعترفي الآن .
اصطنعت ضحكة جوفاء
وأنا أرفع حاجبي :_ أحبك أنت ! لماذا ؟ هل فقدت عقلي ؟!
ضحكنا لكن لم يكن
ضحكنا المعتاد كانت الضحكات تنقصها الروح .. سكت قليلا ثم قال :_ أتدرين طوال ستة أعوام
بعد انفصالي عن زوجتي وأنا رافض لفكرة الزواج أو بالأحرى أؤجلها حتى تشعر بي حياة وتغدو
هي لي الحياة .. كنت مستعدا للانتظار عمري بأكمله على أمل أن تحبني يوما ..
شعرت بوجع يعتصر
قلبي ويدمي روحي وغصة تمنعني من الكلام وأنا أحاول منع العبرات من التساقط كمطر الصيف
.. لا أعلم كيف استطعت الكلام ولا من أين وجدت القدرة لأصدر ذلك الصوت المخنوق :_ تنتظرها
!
أجابني وهو يحدق
في سقف الغرفة لربما كان يرى صورتها فيه :_ نعم .. انتظرتها لكنني بالأمس اكتشفت بأن
انتظاري كان بلا فائدة .. لم أكن أعلم بأن اسمها سيكون له معنىً عكسيا بالنسبة لي
..
صحت وقد ظننت بأنها
ماتت :_ ماذا حدث لها ؟
أغمض عينيه وكأنه
لا يريد أن يتخيل الحدث أمامه أو ربما ليُخفي دمعة كانت تتهيأ للسقوط ، وقال بصوت بالكاد
يُسمع :_ بالأمس كان قرانها على حبيبها ..
شهقت وأنا أشعر
بأن روحي ستصعد مع شهقاتي المتتالية ، نظرت إليه كان لا يتحرك ولا تصدر أنفاسه أي صوت
لم يكن شيء فيه يتحرك سوى تلك الدمعة التي تمردت عليه وسقطت ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق