قصة حب صامت لنور العلا.

{[['']]}
كان لنا جار يُدعي " عِصام " ؛ حينما كنتُ في الثامنة كان هو في العشرين مِن عُمره .
كنتُ أحبه ولم أهتم أبداً بذلك الفرق أو أعيه !
لم أكُن أعاني حرماناً عاطفياً مِن ناحية والدي ؛ فقد كان يعيش معنا ، متواجداً على الدوام بيننا ، ولم يشعرني يوما بأي نقص عاطفي أو مادي ، كما أنه لم يكن ينقصني أشقاء أو شقيقات فلديّ منهم الكثير .
كان حبي له لا يقوم على أسسٍ من ذلك النوع ، والحقيقة لم يكن مبنياً على أي أسس مطلقاً ، فكل ما أعرفه هو أنني كنت أراقبه مِن نافذة البيت المطلة على الشارع عند دخوله للعمارة وخروجه منها .

كنت أنتظره وقت ذهابي للمدرسة فأتلكأ كثيراً وأتباطأ في الخروج متعللة مرة بضفائري التي لا أستطيع عقدها ، ومرة بحذائي الذي اتسخ ويحتاج للتنظيف ، ومرة بقميصي الذي أقطع أحد أزراره عمداً كي تخيطها لي أمي ،  مُسببة الضيق لشقيقتي الكُبرى وذلك كله  كي نتأخر و يصادف خروجنا من العمارة وقت خروجه هو لجامعته ، فيبتسم لنا ابتسامته اللطيفة ويمد يده فيمسك بضفيرتيّ ويشدّهما للأسفل مُصدرا صوتاً وكأنهما بوق أو ناقوس قطارٍ ما .
وكان هذا كافياً لجعلي أشعر بالسعادة طوال اليوم مُفعمة بالنشاط والحيوية والتفاؤل بأن يأتي ذلك اليوم الذي يراني فيه صبية جميلة فيُعجب بي .
كان الجميع يقول بأن عقلي سابق لسني  ، لكنهم لم يكونوا يعلموا بأن عواطفي سابقة أيضاً .
لِمَ أحببته ؟! اممم .. لا أعلم السبب ولم يَكُن يعنيني أو يخطر ببالي أن يكون هناك سبب ما لذلك ، كُنتُ طِفلة مشاعري عفوية بسيطة بلا تعقيد ..
هل كان حُبّاً فِعلاً  ؟ أيضا لا أعلم .. كان شيءٌ ما لا أفهمه يشدّني إليه !
كان يغيظني جدا إن سمعت بأن إحدى بنات الجيران معجبة به أو ربما هو يفكر بإحداهن ، فهو باعتقادي الطفولي ملكية خاصة كُتب عليها اسمي أنا وحدي .
قصة حب صامت بقلم :  نور العلا
غيورة أنا ؛ غيورة لدرجة أنني أغار على أشيائي وأدواتي وملابسي ، فإذا استعارت إحدى زميلاتي في الصف قلما مني أظل طوال الوقت أنظر إليه وأنا أشعر بالانزعاج التام وهو بين يديها وكأنني أخشى أن يحب ملمس راحتيها أو ضغط أناملها عليه فيأبى العودة إليّ .. فكيف إن كان هو !
بعد عامين تزوج عصام . كان يوما غريبا ؛ فقد رأيته ولأول مرة خجولا مرتبكا ، حتى أنه عندما رآني لم يبتسم لي ولم يشد ضفيرتيّ كالعادة كأنه لم يرني ؛ مِمّا أثار حنقي على عروسه التي غيّرته عليّ هكذا من أول يوم !
 بعدها بعام أصبح لديه  طفلة كالقمر تُشبهني ، نعم تشبهني هذا ما كنت أراه مع أن الجميع لم يكن يرى ذلك ، لكنني كنت أراها شديدة الشبه بي .. ربما لأنني كنتُ أحلم أن أكون أنا أمها يوماً ما !
مرّ عامان آخران أصبح لعصام توأم مِن البنين إضافة لطفلته الأولى ، وسافر هو وأسرته الصغيرة لبلد بعيد باحثا عن فرصٍ أخرى للعمل بعد أن أُغلقت أمامه كل أبواب العمل هنا .

مرّ الآن منذ زواجه سبعة أعوام أصبح خلالها أباً لثلاثة أطفال ومديراً لإحدى الشركات المعروفة في البلد التي سافر إليها ؛ ومازِلتُ أنا كُل صباح أعقد شعري بشكل ضفيرتين قبل ذهابي إلى المدرسة .
شارك الموضوع ليراه أصدقائك :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

 
إتضل بنا | فهرس المدونة | سياسة الخصوصية
جميع الحقوق محفوظة لموقع شبكة أجداور
Created by Maskolis Published by Mas Template
powered by Blogger Translated by dz-site