{[['']]}
المحتويات: نشأة الشعر الحر ( شعر التفعيلة ) - زمن ظهور شعر التفعيلة ( الشعر الحر) - الإسباب والعوامل التي ساهمت في ظهور ونشأة الشعر الحر.
في بدايات القرن الماضي؛ ظهر نوع جديد من
الشعر العربي لم يكن موجوداً سابقاً؛ ولم يُعرف من قبل في التاريخ، وهو شِعر التفعيلة
أو كما يُسميه آخرون في زمننا هذا بالشعر الحر. وهو شعر قائم على تفعيلة وليس على وزن
بحر كامل. (المصدر ويكيبيديا)
هذه الأنواع الشعرية دخلت في الشعر العربي
إثر الحركة التجديدية ، حيث قام كثير من الشعراء المتجددون إثر النهضة الحديثة العربية
ويذهب الفضل في المحاولة نحو التجديد إلى محمود سامي البارودي الذي بادر للتجديد في
الشعر التقليدي ، وقامت على فكرته حركات أدبية وعلى رأسها حركة أبولو ومدرسة الديوان
فقوي بها حركة التجديد ، إلى أن تمخض الشعر العربي الحديث بأشكال شعرية مختلفة متعددة
عن هذه الحركة .
فذهب النقاد إلى مذهبين في هذا الخصوص :
منهم من قالوا إن الشعر
التقليدي لايصلح لمعالجة القضايا البشرية خاصة فيما يتعلق بالحياة العلمية والعلوم
الاجتماعية والتجريبية
بينما يرى بعض النقاد
أن التطلع إلى التجديد لدى الشعر هو الذي سبب في التجديد وأدّى الشاعر إلى التجديد
والابتكار والتفنن في الأوزان والقوافي .
يعتقد البعض أن التجديد تمخض عن
دافع مزيج من السببين كليهما.
زمن ظهور شعر التفعيلة ( الشعر الحر):
تعددت المصادر حول من له الأسبقية بين نازك
الملائكة وبدر شاكر السياب وآخرين ولكن باختصار يمكن القول أن بداية حركة الشعر
الحر كانت سنة 1947م في العراق ، ومن العراق، بل من بغداد نفسها ، وزحفت هذه
الحركة وامتدت حتى غمرت الوطن العربي كله، وكادت بسسب الذين استجابوا لها، وكانت
أولى قصيدة حرة الوزن تنشر قصيدتي " الكوليرا" ثم قصيدة " هل كان
حباً " لبدر شاكر السياب من ديوانه " أزهار ذابلة".
الأسباب التي ساهمت في ظهور ونشأة الشعر الحر:
لقد أكدت الأبحاث الأدبية والنقدية التي
دارت حول مفهوم الشعر وجوهره أن هذا اللون من الشعر لم ينشأ من فراغ ، وتلك قاعدة ثابتة
في كل الأشياء التي ينطبق عليها قانون الوجود والعدم تقريبا .
ومن هذا المنظور كان الشعر الحر وليد دوافع
وأسباب تضافرت معاً وهيأت لولادته كغيره من الأنماط الفنية الأخرى التي تولد على أنقاض
سابقتها بعد أن شاخت وهرمت .
وقد رأى كثير من الباحثين والنقاد أن من
أهم العوامل التي ساعدت على نشأة الشعر الحر وهيأت له إنما تعود في جوهرها إلى دوافع
اجتماعية وأخرى نفسية إلى جانب بعض العوامل الأخرى المنبثقة عن سابقتها .
1. الدوافع النفسية :
فهي انعكاس لما يعانيه الشاعر من واقع مؤلم
نتج عن الكبت الروحي والمادي الذي خلقه الاستعمار على عالمنا العربي ، وكانت نتيجته
منع الحريات في نفوس الشعوب وقتل الرغبة في التطلع إلى الحياة الفضلى مما أدى إلى الشعور
بالظلم والاستبداد والضيق الشديد والمعاناة الجامحة من هذا التسلط الذي نمّى في النفوس
حب الانطلاق والتحرر من قيد الماضي .
2. الدوافع الاجتماعية
تتمثل فيما يطرأ على المجتمع من مظاهر التغيير
والتبديل لأنماط الحياة ومكوناتها وللبنية الاجتماعية والتكوين الحضاري والأيدلوجي
، والشاعر المبدع - كغيره من أفراد المجتمع ـ يتأثر ويؤثر في الوسط الذي يعايشه ، فإذا
رأى أن الإطار الاجتماعي ومكوناته أصبح عاجزاً عن مواكبة الركب الحضاري المتقدم في
حقبة زمنية ما أحس في داخله رغبة إلى التغيير ، وأن هناك هاجساً داخلياً يوحي إليه
بل ويشده إلى خلق نمط جديد ولون مغاير لما سبق ليسد الفراغ الذي نشأ بفعل التصدع القوى
في البنية الاجتماعية للأمة ، ولم يكن أمام الشاعر ما يعبر عنه عن هذا التغيير الملح
والذي يؤيده إلا بالشعر ، فهو أداته ووسيلته التي يملك زمامها وله حرية التصرف فيها
فيصب عليه تمرده وثورته .
وإلى جانب الدافع الاجتماعي والنفسي ثَمَّ
دوافع أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها بل هي وليدة عنها ، منها : النزعة إلى تأكيد استقلال
الفرد التي فرضت على الشعراء الشبان البعد عن النماذج التقليدية في الشعر العربي ،
وإبراز ذاتيتهم بصورة قوية .
كما يؤكد الدكتور محمد النويهي بأن الدافع
الحقيقي إلى استخدام هذا اللون من الشعر هو: " الرغبة في استخدام التجربة مع الحالة
النفسية والعاطفية للشاعر ، وذلك لكي يتآلف الإيقاع والنغم مع المشاعر الذاتية في وحدة
موسيقية عضوية واحدة " .
3. انتماء كثير من المثقفين العرب إلى تيارات ومذاهب سياسية وفكرية،
نتيجة الصراع بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، مما هيأ لأفكار جديدة.
4. استيقاظ الوعي العربي، والرغبة في التحرر من الاستعمار، والثورة
على الظلم والفقر والجهل ( التأثر بالواقعية وتجاوز الرومانسية للتعبير عن قضايا موضوعية
تتصل بالواقع المعيش).
تمرد شعراء هذه الجماعة على الميوعة الرومانسية
التي اتصفت بها قصائد شعراء المهجر والديوان وأبو للو ,حيث كان الوطن العربي في أواخر
الأربعينات في هذا القرن يئن بفعل حركات الثورة ضد المحتل الغاصب الذي جعل الوطن العربي
رهن الجهل والفقر والمرض وقد وجد شعراء هذه الجماعة الوليدة الشعر العربي السائد بعيداً
عن الحياة وعن روح الثورة والتمرد
ولا يعبر تعبيرا حقيقيا عن الواقع بمشكلاته الإجتماعية وقضاياه
العامة ولهذا سعت هذه المدرسة ان تنتقل من الرومانسية إلى الواقعية وسعت لتنتقل من
التعبير عن الفرد إلى التعبير عن الجماعة ومن التحليق في الخيال إلى الإنضباط في الواقع
حتى تكون القصيدة نابضة بهذا الواقع معبرة عنه .
5. الميل الفطري للتجديد عند الشعراء.
أن أعضاء هذه الجماعة رأوا أن القصيدة العربية
القديمة كبلت الشاعر الحديث وقيدت حريته وفرضت عليه قالب شعري قائم على وحدة الوزن
والقافية وقد تمرد أعضاء هذه المدرسة الجديدة على وحدة الوزن والقافية لأنهم رأوا فيها
تشويه تجربة الشاعر فحين يكتب قصيدة في بحر من بحور الشعر العربي عليه أن يفي بالإكتمال
الشكلي لهذه البحر في كل بيت من أبيات القصيدة حتى نراه يضطر في كثير من الأحيان وفاءً
لشكل هذا البحر أن يضيف كلمات أو عبارات أو حتى جمل لا لشيء إلا لكي يستكمل شكل هذه
أو هذا البحر كأن الشكل الشعري أصبح قيداً وأصبح يتحكم في الشاعر وليس الشاعر هو من
يتحكم بالقيد فكان على الشاعر أن يتحرر من هذا القيد .
لذلك بدأ الشاعر يهمل فكرة البيت المكون
من شطرين متساويين وأصبحت القصيدة الجديدة تتألف من سطور متفاوتة الطول حسب الدفقة
الشعورية فاذا طالت طال معها السطر والعكس صحيح, فلم يعد بحاجة للحشو لتكميل وزن البيت
.
إذ لم تقف حركة التطور للقصيدة العربية
عند حدود التحرر الجزئي من قيود القافية ، بل تخطتها إلى أبعد من ذلك ، فقد ظهرت محاولة
جديدة وجادة " الشعر الحر " .
وكانت هذه المحاولة أكثر نجاحا من سابقتها
كمحاولة " الشعر المرسل" ، أو " نظام المقطوعات" ، وقد تجاوزت
حدود الإقليمية لتصبح نقلة فنية وحضارية عامة في الشعر العربي ، ولم يمض سنوات قلائل
حتى شكّل هذا اللون الجديد من الشعر مدرسة شعرية جديدة حطمت كل القيود المفروضة على
القصيدة العربية ، وانتقلت بها من حالة الجمود والرتابة إلى حال أكثر حيوية وأرحب انطلاقا
.
وبدأ رواد الشعر الحر ونقاده ومريدوه يسهمون
في إرساء قواعد هذه المدرسة التي عرفت فيما بعد بمدرسة شعراء التفعيلة أو الشعر الحديث
، وفي هذا الإطار يحدثنا أحد الباحثين قائلا " لقد جاءت خمسينيات هذا القرن بالشكل
الجديد للقصيدة العربية ، وكانت إرهاصاتها قد بدأت في الأربعينيات ، بل ولا نكون مبالغين
إذا قلنا في الثلاثينيات من أجل التحرك إلى مرحلة جديدة " وقد وجدت مدرسة الشعر
الحر الكثير من المريدين ، وترسخت بصورة رائعة في جميع البلدان بدءا ( بالملائكة والسياب
والبياني ) في العراق في الأربعينيات ، ثم ما لبثت هذه الدائرة أن اتسعت في الخمسينيات
فضمت إليهم شعراء مصريين آخرين مثل "صلاح عبد الصبور" و"أحمد عبد المعطى
حجازي " وفي لبنان ظهر "أحمد سعيد "( أدونيس ) و"خليل حاوي"
و"يوسف الخال" ، وكذلك "فدوى طوقان" و"سلمى الخضراء الجيوسي"
في فلسطين.
6. انتهاء الحرب العالمية
الثانية، وما أحدثته من دمار على المستويات كافة، فكان على الشاعر أن يسهم في تحرير
الإنسان من حضارة مادية تهدد القيم الأخلاقية.
تمخضت عن الحرب العالمية الثانية في الوطن
العربي ، خيبة أمل كبيرة ، فكُشف اللثام عن تلك الوعود الكاذبة ، ووجد الشباب العربي
نفسه أمام واقع جديد لكن بوعي أكثر ، فاستدعى الوضع المزري ثورة على كل مألوف قديم
، فأخذت التغيرات تصيب كل ميادين الحياة ، و باعتبار الأدب أحد هذه الميادين وكان حرياّ
بالشعراء أن يجدوا قالبا جديدا يعبرون به عن وضعهم المستجد ، و يفرغون فيه كل ما يختلج
في نفوسهم الجريحة ، من قضايا لطالما شغلت عقولهم ، فكان المفّر الذي لا بد منه هو
خلق نمط شعري جديد يروي عطشهم ، و يخدم مطالبهم التي كان أبرزها الحرية ، فالتحرر من
كل القيود وعلى جميع الأصعدة بمثابة قطرة غيث لأرض لطالما أنهكها جفاف الاستعمار و
القهر . فبزغ فجر شعر جديد يختلف عن الشعر العمودي ، فالتحرر من قيود القافية و الوزن
كان مطلبا ضروريا. و العدول عن القالب المألوف للقصيدة العربية كان بداية مولد الشعر
الحر ، حيث يعتبر هذا الأخير انعطافا شعريا لم يعرف الشعر العربي له مثيلا من قبل ،
ذلك أن التغيير لم يمس المستوى الشكلي فقط بل تعدى ذلك إلى المضمون. وهذا ما لم يستطع
الشعر الرومانسي العربي، الوصول إليه وإن مهد له ، فتأثر شعراء الشعر الحر بشعراء المهجر
، وما جاءت به جماعة "أبولو" "كإيليا أبي ماضي" و "خليل مطران"
وغيرهم الذين نظموا "مطولاتهم" على شكل مقاطع خالفوا فيها أوزان الخليل ،
وابتعدوا عن خاصية القافية الموحدة. ( المصدر : موقع اصوات الشمال)
7. التأثر بالشعر الغربي والمذاهب الغربية.
ويرى
بعض النقاد: أنَّ سبب ظهور هذا اللون في شعرنا العربي: أنَّ كثيرًا من الشعراء اطلعوا
على الآداب الأوربية وخاصة الأدب الفرنسي والإنجليزي، وتعمقوا في دراسة هذين الأدبين،
فالذين حملوا لواء الشعر الجديد يعدون ممن درسوا الأدب الفرنسي والإنجليزي، وكانت حركة
الترجمة قد نشطت وكثرت تراجم "شكسبير" و"بيرون" و"كيدس"
و"إيليوت" وغيرهم، فالشعراء المعاصرون استفادوا من تجارب الآخرين لتطوير
الشعر على ضوء المفاهيم الأوربية العالمية، وما من شاعر عربي حديث حاول التجديد إلا
وهو يتقن لغة أجنبية أو أكثرَ، فهو يصدر فيما ينظم عن ثقافة مزدوجة.
ويذهب إلى مثل ذلك أنطوان كرم حيث يقول:
"إنَّ الشعر العربي الحديث قد استمد غذاءاته من الآداب العالمية الفنية، وأنه
عاد إلى عدسته المحلية وقد نصبت في تلك العدسة أشعة إيديولوجية ونقدية وفنية خالصة
على مختلف أنواع الفنون الجميلة، وإن الشاعر العربي قد حول هذا العطاء المقتبس إلى
عطاء ذاتي، ونظر إلى وجوده نظرة جديدة من خلال المفاهيم الإنسانية المعاصرة".
ويرى الأستاذ عبد الجبار داود البصري أن الشعر الجديد استيراد من الشعر الأجنبي، والمفاهيم
التي يعتنقها الشعراء المتحررون ليست عربية خالصة وإنما هي رواة لأفكار النقاد الأجانب،
مستنكرًا إرجاع الشعر الجديد إلى أي أصل عربي قديم.
اين المراجع يا اخي
ردحذف